التفاسير

< >
عرض

يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ
١٣٠
-الأنعام

النكت والعيون

قوله عز وجل: { يَا مَعشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ } المعشر: الجماعة التامة من القوم التي تشتمل على أصناف الطوائف، ومنه قيل للعَشَرَة لأنها تمام العِقْد.
{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلُ مِنْكُمْ يَقُصُّون عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي } اختلفوا في الرسالة إلى الجن على ثلاثة أقاويل.
أحدها: ان الله بعث إلى الجن رسلاً منهم، كما بعث إلى الإنس رسلاً منهم، قاله الضحاك وهو ظاهر الكلام.
والثاني: أن الله لم يبعث إليهم رسلاً منهم، وإنما جاءتهم رسل الإنس، قاله ابن جريج، والفراء، والزجاج، ولا يكون الجمع في قوله: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنُكُمْ } مانعاً من أن يكون الرسل من أحد الفريقين، كقوله تعالى:
{ { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ } [الرحمن: 22] وإنما هو خارج من أحدهما.
والثالث: أن رسل الجن هم الذين لمَّا سمعوا القرآن
{ { وَلَّواْ إِلَى قَومِهِم مُّنذِرِينَ } [الأحقاف: 29]، قاله ابن عباس.
وفي دخولهم الجنة قولان:
أحدهما: قاله الضحاك.
والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار، ثم يُقَال لهم كونوا تراباً كالبهائم، حكاه سفيان عن ليث.
{ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } يحتمل وجهين:
أحدهما: ينذرونكم خذلان بعضكم لبعض وتبرؤ بعضكم من بعض في يوم القيامة.
والثاني: ينذرونكم ما تلقونه فيه من العذاب على الكفر، والعقاب على المعاصي.
{ قالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا } يحتمل وجهين:
أحدهما: إقرارهم على أنفسهم بأن الرسل قد أنذروهم.
والثاني: شهادة بعضهم على بعض بإنذار الرسل لهم.
{ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } فيه وجهان:
أحدهما: وغرتهم زينة الحياة الدنيا.
والثاني: وغرتهم الرياسة في الدنيا.
ويحتمل ثالثاً: وغرتهم حياتهم في الدنيا حين أمهلوا.
{ وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِم } وفي هذه الشهادة أيضاً الوجهان المحتملان إلا أن تلك شهادة بالإنذار وهذا بالكفر.