التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
١٢٩
-التوبة

النكت والعيون

قوله عز وجل: { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ } فيه قراءتان:
إحداهما: من أنفسكم بفتح الفاء ويحتمل تأويلها ثلاثة أوجه:
أحدها: من أكثركم طاعة لله تعالى.
الثاني: من أفضلكم خلقاً.
الثالث: من أشرفكم نسباً.
والقراءة الثانية: بضم الفاء، وفي تأويلها أربعة أوجه:

أحدها: يعني من المؤمنين لم يصبه شيء من شرك، قاله محمد بن علي.
الثاني: يعني من نكاح لم يصبه من ولادة الجاهلية، قاله جعفر بن محمد. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَرَجْتُ مِن نِكَاحٍ وَلَمْ أَخَرُجْ مِنْ سِفَاحٍ"
الثالث: ممن تعرفونه بينكم، قاله قتادة.
الرابع: يعني من جميع العرب لأنه لم يبق بطن من بطون العرب إلا قد ولدوه، قاله الكلبي.
{ عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عنِتُّمُ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: شديد عليه ما شق عليكم، قاله ابن عباس.
الثاني: شديد عليه ما ضللتم، قاله سعيد بن أبي عروبة.
الثالث: عزيز عليه عنت مؤمنكم، قاله قتادة.
{ حَرِيصٌ عَلَيكُمْ } قاله الحسن: حريص عليكم أن تؤمنوا.
{ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } فيه وجهان:
أحدهما: بما يأمرهم به من الهداية ويؤثره لهم من الصلاح.
الثاني: بما يضعه عنهم من المشاق ويعفو عنهم من الهفوات، وهو محتمل.
قوله عز وجل { فَإِن تَوَلَّوْا } فيه وجهان:
أحدهما: عن طاعة الله، قاله الحسن.
الثاني: عنك، ذكره عليّ بن عيسى.
{ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: حسبي الله معيناً عليكم.
الثاني: حسبي الله هادياً لكم.
{ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ } يحتمل وجهين:
أحدهما: لسعته.
الثاني: لجلالته.
روى يوسف بن مهران عن ابن عباس أن آخر ما أُنزل من القرآن هاتان الآيتان { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ } وهذه الآية. وقال أُبي بن كعب: هما أحدث القرآن عهداً بالله وقال مقاتل: تقدم نزولهما بمكة، والله أعلم.