التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
١٤
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٥
قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٦
-يونس

معالم التنزيل

{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ }، أي: خلفاء، { فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم }، أي: من بعد القرون التي أهلكناهم، { لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }، وهو أعلم بهم. وروينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا إنّ هذه الدنيا حُلوةٌ خَضِرةٌ وإنّ اللّهَ مستخلفُكم فيها، فناظرٌ كيفَ تعملون" .

قوله عزّ وجلّ: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَـٰتُنَا بَيِّنَاتٍ }، قال قتادة: يعني مشركي مكة. وقال مقاتل: هم خمسة نفر: عبدالله بن أمية المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبدالله بن أبي قيس العامري، والعاص بن عامر بن هشام. { قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا }، هم السابقون ذكرهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت تريد أن نؤمن بك { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ }، ليس فيه ترك عبادة اللاّتِ والعُزّى ومنَاة، وليس فيه عيبها، وإن لم ينزلها الله فقلْ أنت من عندك نفسك، { أَوْ بَدِّلْهُ }، فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة، أو مكان حراماً حلالاً، أو مكان حلالٍ حراماً، { قُلْ } لهم يا محمد: { مَا يَكُونُ لِىۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِىۤ }، من قِبَلِ نفسي { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَىَّ }، أي: ما أتبع إلاّ ما يُوحى إليّ فيما آمركم به وأنهاكم عنه، { إِنِّىۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

{ قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ }، يعني: لو شاء الله ما أنزل القرآن عليّ، { وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ }، أي: ولا أعلمكم الله. وقرأ البزي عن ابن كثير: «ولأدراكم به» بالقصر به على الإِيجاب، يريد: ولا علّمكم به من غير قراءتي عليكم. وقرأ ابن عباس: «ولا أنذرتُكم بهِ» من الانذار. { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً }، حيناً وهو أربعون سنة، { مِّن قَبْلِهِ }، من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }، أنه ليس من قِبَلي، ولبث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم قبل الوحي أربعين سنة ثم أوحى الله إليه فأقام بمكة بعد الوحي ثلاث عشرة سنة ثم هاجر فأقام بالمدينة عشر سنين وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.

ورَوى أنسٌ: أنه أقام بمكة بعد الوحي عشر سنين وبالمدينة عشر سنين، وتوفي وهو ابن ستين سنة، والأول أشهر وأظهر.