قوله تعالى: { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا } العَجَبُ: حالة تعتري الإِنسان من رؤية شيء على خلاف العادة.
وسبب نزول الآية: أن الله عزّ وجلّ لما بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً، قال المشركون: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً. فقال تعالى: { أَكَانَ لِلنَّاسِ } يعني: أهل مكة، والألِفُ فيه للتوبيخ، { عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ }، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، { أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ }، أي: أعلَمْهم مع التخويف، { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ }، واختلفوا فيه: قال ابن عباس: أجراً حسناً بما قدموا من أعمالهم. قال الضحاك: ثواب صدق. وقال الحسن: عمل صالح أسلفوه يقدمون عليه. وروى علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: هو السعادة في الذكر الأول. وقال زيد بن أسلم: هو شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء: مقام صدق لا زوال له، ولا بؤس فيه. وقيل: منزلة رفيعة.
وأضيف القدم إلى الصدق وهو نعته، كقولهم: مسجد الجامع، وحب الحصيد، وقال أبو عبيدة: كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم، يقال: لفلان قدم في الإِسلام، وله عندي قدم صدق وقدم سوء، وهو يؤنث فيقال: قدم حسنة، وقدم صالحة. { قَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ مُّبِينٌ }. قرأ نافع وأهل البصرة والشام: «لسحر» بغير ألف يعنون القرآن، وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة: «لساحر» بالألف، يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم.
قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ }، يقضيه وحده، { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ }، معناه: أن الشفعاء لا يشفعون إلا بإذنه، وهذا رَدّ على النَّضْر بن الحارث فإنه كان يقول: إذا كان يوم القيامة تشفعني اللات والعزى.
قوله تعالى: { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ }، يعني: الذي فعل هذه الأشياء ربكم لا ربّ لكم غيره، { فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }، تتعظون.