فقال: { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } بأسماعِهم الظاهرة فلا ينفعهم، { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ }، يريد: سَمَعَ القلبِ، { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ }.
{ وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ }، بأبصارهم الظاهرة، { أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ }، يريد عمي القلوب، { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ }، وهذا تسلية من الله عزّ وجلّ لنبيه صلى الله عليه وسلم، يقول: إنك لا تقدر أن تُسمعَ من سلبتُه السمعَ، ولا أن تهديَ من سلبتُه البصرَ، ولا أن تُوفق للإِيمان من حكمتُ عليه أن لا يُؤمن.
{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً }، لأنه في جميع أفعاله مُتفضّل وعادل، { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }، بالكفر والمعصية.
قوله تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ }، قرأ حفص بالياء، والآخرون بالنون، { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ }، قال الضحاك: كأن لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من النهار. وقال ابن عباس: كأن لم يلبثوا في قبورهم إلاَّ قدر ساعة من النهار، { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ }، يعرف بعضُهم بعضاً حين بعثوا من القبور كمعرفتهم في الدنيا، ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال القيامة. وفي بعض الآثار: أن الإِنسان يعرف يوم القيامة مَنْ بجنبه ولا يُكلمه هيبةً وخشية.
{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }، والمراد من الخسران: خسران النفس، ولا شيء أعظم منه.