التفاسير

< >
عرض

وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ
٦٠
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
٦١
أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٢
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ
٦٣
-يونس

معالم التنزيل

{ وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }، أيحسبون أنّ الله لا يؤاخذهم به ولا يعاقبهم عليه، { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ }.

قوله عزّ وجلّ: { وَمَا تَكُونُ }. يامحمد، { فِي شَأْنٍ }، عمل من الأعمال، وجمعه شُؤون، { وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ }، من الله، { مِن قُرْآنٍ }، نازلٍ، وقيل: منه أي من الشأن من قرآن، نزل فيه ثم خاطبه وأمته فقال: { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ }، أي: تدخلون وتخوضون فيه، الهاء عائدة إلى العمل، والإِفاضة: الدخول في العمل. وقال ابن الأنباري: تندفعون فيه. وقيل: تُكْثِرون فيه. والإِفاضة: الدفع بكثرة.

{ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ }، يغيب عن ربك، وقرأ الكسائي «يَعْزِب» بكسر الزاي، وقرأ الآخرون بضمها، وهما لغتان. { مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ }، أي: مثقال ذرة، و «من» صلة والذرة هي: النملة الحميراء الصغيرة. { فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ }، أي: من الذرة، { وَلاۤ أَكْبَرَ }، قرأ حمزة ويعقوب: برفع الراء فيهما عطفاً على موضع المثقال قبل دخول «من»، وقرأ الآخرون بنصبهما، إرادة للكسرة عطفاً على الذرة في الكسر، { إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ }، وهو اللوح المحفوظ.

قوله تعالى: { أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } واختلفوا فيمن يستحق هذا الاسم. قال بعضهم: هم الذين ذكرهم الله تعالى فقال:

{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }، وقال قوم: هم المتحابّون في الله عزّ وجلّ.

أخبرنا أحمد بن عبدالله الصالحي، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفَّار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن [ابن] أبي حسين عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنّ للّهِ عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيّون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة، قال: وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه ثم قال: حدَّثْنَا يارسول الله عنهم من هم؟ قال: فرأيتُ في وجه النبي صلى الله عليه وسلم البِشْرَ، فقال: هُمْ عبادٌ مِن عبادِ اللّهِ من بلدانٍ شتّى وقبائل، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نوراً، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن، يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون" .

ورواه عبدالله بن المبارك عن عبدالحميد بن بهرام قال: حدثنا شهر بن حوشب، حدثني عبدالرحمن بن غنم عن أبي مالك عن أبي مالك الأشعري، "عن النبي صلى الله عليه وسلم سئل! مَنْ أولياءُ الله؟ قال: الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله" .

ويُروَى عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: "إن أوليائي من عبادي الذين يُذْكَرُون بذكري وأُذْكَرُ بذكرِهم" .