التفاسير

< >
عرض

مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٧٠
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ
٧١
فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٧٢
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ
٧٣
-يونس

معالم التنزيل

{ مَتَاعٌ }، قليل يتمتعون به وبلاغ ينتفعون به إلى انقضاء آجالهم، و«متاع» رفع بإضمار، أي: هو متاع، { فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }.

قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ }، أي: اقرأ يامحمد على أهل مكة خبر نوح، { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ }، وهم ولد قابيل، { يَٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ }، عَظُمَ وثَقُلَ عليكم، { مَّقَامِي } طول ومكثي فيكم { وَتَذْكِيرِي }، ووَعْظي إيّاكم { بِآيَاتِ ٱللَّهِ }، بحججه وبيناته، فعزمتم على قتلي وطردي { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ }، أي: أحكموا أمرَكم واعْزِمُوا عليه، { وَشُرَكَآءَكُمْ }، أي: وادعوا شركاءَكم، أي: آلهتكم فاستعينوا بها لتجتمع معكم.

و قال الزجاج: معناه فأجمعوا أمركم مع شركائكم، فلما ترك «مع» انتصب. وقرأ يعقوب: شركاؤكم رفعٌ، أي: فأجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم.

{ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً }، أي: خفيّاً مبهماً، من قولهم: غمَّ الهلال على الناس، أي: أشكل عليهم، { ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ }، أي: أمْضُوا ما في أنفسكم وافرغوا منه، يقال: قضى فلان إذا مات ومضى وقضى دينه إذا فرغ منه.

وقيل: معناه توجهوا إليّ بالقتل والمكروه.

وقيل فاقضوا ما أنتم قاضون، وهذا مثل قول السحرة لفرعون: { { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } [طه: 72]، أي: اعمل ما أنت عامل.

{ وَلاَ تُنظِرُونَ }، ولا تؤخرون وهذا على طريق التعجيز، أخبر الله عن نوح أنه كان واثقاً بنصر الله تعالى غير خائف من كيد قومه، علماً منه بأنهم وآلهتهم ليس إليهم نفع ولا ضر، إلا أن يشاء الله.

{ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أعرضتم عن قولي وقَبُولِ نصحي، { فَمَا سَأَلْتُكُمْ }، على تبليغ الرسالة والدعوة، { مِّنْ أَجْرٍ }، جُعِلٍ وعِوَض، { إِنْ أَجْرِيَ }، ما أجري وثوابي، { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }، أي: من المؤمنين. وقيل: من المستسلمين لأمر الله.