التفاسير

< >
عرض

فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
٩٤
وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٩٥
-يونس

معالم التنزيل

قوله تعالى: { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ }، يعني: القرآن { فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكَ }، فيخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة.

قيل: هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره على عادة العرب، فإنهم يخاطبون الرجل ويريدون به غيره، كقوله تعالى: { { يَۤا أَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } [الأحزاب: 1]، خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به المؤمنون بدليل أنه قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }، ولم يقل "بما تعمل"، وقال: { { يَٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } [الطلاق: 1].

وقيل: كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب وشاك، فهذا الخطاب مع أهل الشك، معناه: إن كنت أيها الإِنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان رسولنا محمد، فاسأل الذين يقرؤون الكتابَ من قبلك.

قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: يعني من آمن من أهل الكتاب؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه، فيشهدون على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ويخبرونك بنبوته.

قال الفرَّاء: عَلِمَ الله سبحانه وتعالى أن رسوله غيرُ شاكٌّ، لكنه ذكره على عادة العرب، يقول الواحد منهم لعبده: إن كنت عبدي فأطعني، ويقول لولده: افعل كذا وكذا إنْ كنتَ ابني، ولا يكون بذلك على وجه الشك.

{ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }، من الشاكين.

{ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ }، وهذا كله خطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد منه غيره.