{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ }: والملأ هم الأشراف والرؤساء. { مَا نَرَاكَ }، يانوح، { إِلاَّ بَشَراً }، آدمياً، { مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا }، سفَلَتُنا، والرذل: الدُّون من كل شيء، والجمع: أرْذُل، ثم يجمع على أراذل، مثل كَلْب وأَكْلُب وأَكَالِب، وقال في سورة الشعراء: { وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ }، يعني: السفلة. وقال عكرمة: الحاكة والأساكفة، { بَادِىَ ٱلرَّأْى }، قرأ أبو عمرو «بادىء» بالهمز أي: أول الرأي، يريدون أنهم اتبعوك في أول الرأي من غير روية وتفكر، ولو تفكروا لم يتبعوك. وقرأ الآخرون بغير همز، أي ظاهر الرأي من قولهم: بدا الشيء: إذا ظهر، معناه: اتبعوك ظاهراً من غير أن يتدبروا ويتفكروا باطناً. قال مجاهد: رأي العين، { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَـٰذِبِينَ }.
{ قَالَ }، نوح، { يَٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِن رَّبِّي } أي: بيان من رَّبِّي، { وَءَاتَانِى رَحْمَةً }، أي: هدى ومعرفة، { مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ }، أي: خفيت والتبست عليكم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص: «فعُمِّيت عليكُم» بضم العين وتشديد الميم، أي: شُبهت ولُبِّست عليكم، { أَنُلْزِمُكُمُوهَا }، أي: أنلزمكم البينة والرحمة، { وَأَنتُمْ لَهَا كَـٰرِهُونَ }، لا تريدونها. قال قتادة: لو قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يُلزموا قومَهم الإِيمان لألزموهم، ولكن لم يقدروا.
قوله: { وَيَٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً }، أي: على الوحي وتبليغ الرسالة، كناية عن غير مذكور، { إِنْ أَجْرِىَ }، ما ثوابي، { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ }، هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين، { إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ }، أي: صائرون إلى ربهم في المعاد فيجزي من طردهم، { وَلَـٰكِنِّىۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }.