التفاسير

< >
عرض

وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ
٤٥
قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٤٦
-هود

معالم التنزيل

قوله تعالى: { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي }، وَقدْ وعدتني أن تنجيني وأهلي؟ { وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ }، لا خلف فيه، { وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَـٰكِمِينَ }، حكمت على قوم بالنجاة وعلى قوم بالهلاك.

{ قَال } اللّهُ عزّ وجلّ { يَٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَـٰلِحٍ }، قرأ الكسائي ويعقوب: «عمِلَ» بكسر الميم وفتح اللام «غيرَ» بنصب الراء على الفعل، أي: عمل الشرك والتكذيب. وقرأ الآخرون بفتح الميم ورفع اللام وتنوينه، «غير» برفع الراء معناه: أن سؤالك إيّاي أن أنجيه عمل غير صالح، { فَلاَ تَسْأَلْنِـي }، يانوح، { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }

قرأ أهل الحجاز والشام «فلا تسألَنَّ» بفتح اللام وتشديد النون، ويكسرون النون غير ابن كثير فإنه يفتحها. وقرأ الآخرون بجزم اللام وكسر النون خفيفة، ويُثبت أبو جعفر وأبو عمرو وورش ويعقوب الياء في الوصل.

{ إِنِّىۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ }

واختلفوا في هذا الابن؛ قال مجاهد والحسن: كان ولد حنث من غير نوح، ولم يعلم بذلك نوح، ولذلك قال: { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وقرأ الحسن: { { فَخَانَتَاهُمَا } [التحريم: 10].

وقال أبو جعفر الباقر: كان ابن امرأته وكان يعلمه نوح ولذلك قال: «من أهلي»، ولم يقل مني.

وقال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والأكثرون: إنه كان ابن نوح عليه السلام من صلبه. قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط. وقوله: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي: من أهل الدين، لأنه كان مخالفاً له في الدين، وقوله: «فخانتاهما» أي: في الدين والعمل الصالح لا في الفراش.

وقوله: { إِنِّىۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ }، يعني: أن تدعو بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر.