التفاسير

< >
عرض

لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ
٣٤
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ
٣٥
وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ
٣٦
-الرعد

معالم التنزيل

{ لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، بالقتل والأسر، { وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَشَقُّ }، أشد، { وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ }، مانع يمنعهم من العذاب.

قوله عزّ وجلّ: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } أي: صفة الجنة، كقوله تعالى: { { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } [النحل: 60] أي: الصفة العليا، { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ }، أي: صفة الجنة التي وعد المتقون أن الأنهار تجري من تحتها.

وقيل: "مثلُ" صلةٌ مجازُها "الجنة التي وُعد المتقون تجري من تحتها الأنهار".

{ أُكُلُهَا دَآئِمٌ } أي: لا ينقطع ثمرها ونعيمها، { وَظِلُّهَا }، أي: ظلها ظليل، لا يزول، وهو ردّ على الجهمية حيث قالوا إن نعيم الجنة يفنى.

{ تِلْكَ عُقْبَىٰ } أي: عاقبة { ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } يعني: الجنة، { وَّعُقْبَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ٱلنَّارُ }.

قوله عزّ وجلّ: { وَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: القرآن وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم { يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } من القرآن، { وَمِنَ ٱالأَحْزَابِ } يعني: الكفار الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم اليهود والنصارى، { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ }، هذا قول مجاهد وقتادة.

وقال الآخرون: كان ذكر الرحمن قليلاً في القرآن في الابتداء فلما أسلم عبدالله بن سلام وأصحابه ساءهم قلة ذكره في القرآن مع كثر ذكره في التوراة، فلما كرر الله ذكره في القرآن فرحوا به فأنزل الله سبحانه وتعالى: { وَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ }، يعني: مشركي مكة حين كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب الصلح: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا: ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب، فأنزل الله عزّ وجلّ: { { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } [الأنبياء: 36] { { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } [الرعد: 30]

وإنما قال "بعضه" لأنهم كانوا لا ينكرون ذكر الله وينكرون ذكر الرحمن.

{ قُلْ }، يامحمد، { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُواْ وَإِلَيْهِ مَآبِ }، أي: مرجعي.