التفاسير

< >
عرض

وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
١٥
مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ
١٦
-إبراهيم

معالم التنزيل

قوله: { وَٱسْتَفْتَحُواْ } أي: استنصروا. قال ابن عباس ومقاتل: يعني الأمم، وذلك أنهم قالوا: اللهم إن كان هؤلاء الرسل صادقين فعذِّبْنا، نظيره قوله تعالى: { { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32].

وقال مجاهد وقتادة: واستفتحوا يعني الرسل وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب، كما قال نوح عليه السلام: { { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26] وقال موسى عليه السلام: { { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَٰلِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } [يونس: 88].

{ وَخَابَ }، وخسر. وقيل: هلك، { كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } والجبَّار: الذي لا يرى فوقه أحداً. والجبرية: طلب العلو بما لا غاية وراءه. وهذا الوصف لا يكون إلا لله عزّ وجلّ.

وقيل: الجبار: الذي يجبر الخلق على مرادِه، والعنيد: المعاند للحق ومجانبه. قاله مجاهد.

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: هو المعرض عن الحق.

وقال مقاتل: هو المتكبر.

وقال قتادة: "العنيدُ": الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله.

{ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } أي: أمامه، كقوله تعالى: { { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } [الكهف: 79] أي: أمامهم.

قال أبو عبيدة: هو من الأضداد.

وقال الأخفش: هو كما يقال هذا الأمر من ورائكَ يريد أنه سيأتيك، وأنا من وراء فلان يعني أصل إليه.

وقال مقاتل: "من ورائه جهنم" أي: بعده.

{ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } أي: من ماءٍ هو صديدٌ، وهو ما يسيل من أبدان الكفار من القَيْح والدم.

وقال محمد بن كعب: ما يسيل من فُروج الزُّناةِ، يُسْقَاه الكافر.