التفاسير

< >
عرض

وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ
١٦
لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
١٧
بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
١٨
وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ
١٩
يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ
٢٠
-الأنبياء

معالم التنزيل

قوله عز وجل: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ }، أي عبثاً وباطلاً.

{ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً }، واختلفوا في اللهو، قال ابن عباس في رواية عطاء: اللهو المرأة، وهو قول الحسن وقتادة، وقال في رواية الكلبي: اللهو الولد، وهو قول السدي، وهو في المرأة أظهر لأن الوطء يسمى لهواً في اللغة، والمرأة محل الوطء. { لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّآ }، أي من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض. وقيل: معناه لو كان جائزاً ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه.

وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رَدّ الله عليهم بهذا وقال: { لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّآ } لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده، لا عند غيره { إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ }، قال قتادة ومقاتل وابن جريج: { إن } للنفي، أي: ما كنا فاعلين. وقيل: { إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ } للشرط أي إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا، ولكنا لم نفعله لأنه لا يليق بالربوبية.

{ بَلْ }، أي دع ذلك الذي قالوا فإنه كذب وباطل، { نَقْذِفُ }، نرمي ونسلَّط، { بِٱلْحَقِّ }، بالإِيمان، { عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ }، على الكفر، وقيل: الحق قول الله، فإنه لا ولد له، والباطل قولهم اتخذ الله ولداً، { فَيَدْمَغُهُ }، فيهلكه، وأصل الدمْغِ: شجُّ الرأس حتى يبلغَ الدماغ، { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ }، ذاهب، والمعنى: أنا نبطل كذبهم بما نبين من الحق حتى يضمحل ويذهب، ثم أوعدهم على كذبهم فقال: { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ }، يا معشر الكفار. { مِمَّا تَصِفُونَ }، الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد. وقال مجاهد: مما تكذبون.

{ وَلَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }، عبيداً وملكاً، { وَمَنْ عِندَهُ }، يعني الملائكة، { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ }، ولا يأنفون عن عبادته ولا يتعظَّمون عنها، { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ }، لا يعيون، يقال: حَسِرَ واستَحْسَرَ إذا تَعِبَ وأعيا. وقال السدي: لا يتعظمون عن العبادة.

{ يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ }، لا يضعفون ولا يسأمون، قال كعب الأحبار: التسبيح لهم كالنَّفَسِ لبني آدم.