قوله عز وجل: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ }، يعني الكتاب المفرِّق بين الحق والباطل، وهو التوراة. وقال ابن زيد: الفرقان النصر على الأعداء، كما قال الله تعالى:
{ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } [الأنفال: 41]، يعني يوم بدر، لأنه قال { وَضِيَآءً }، أدخل الواو فيه أي آتينا موسى النصر والضياء، وهو التوراة.
ومن قال: المراد بالفرقان التوراة، قال: الواو في قوله: { وَضِيَآءً }، زائدة مقحمة، معناه: آتيناه التوراة ضياء، وقيل: هو صفة أخرى للتوراة، { وَذِكْراً }، تذكيراً، { لِّلْمُتَّقِينَ }.
{ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ }، أي يخافونه ولم يروه، { وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ }، خائفون.
{ وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَـٰهُ }، يعني القرآن وهو ذكر لمن يذكر به، مبارك يتبرك به ويطلب منه الخير، { أَفَأَنْتُمْ }، يا أهل مكة، { لَهُ مُنكِرُونَ }، جاحدون، وهذا استفهام توبيخ وتعيير.
قوله عزّ وجلّ: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ }، قال القرطبي: أي صلاحه، { مَن قَبْلُ }، أي من قبل موسى وهارون، وقال المفسرون: رشده، أي هداه من قبل أي من قبل البلوغ، وهو حين خرج من السرب وهو صغير، يريد هَديناه صغيراً كما قال تعالى ليحيى عليه السلام:
{ { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } [مريم: 12]، { وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ }، أنه أهل للهداية والنبوة.