قوله عزّ وجلّ:{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً }, أي: لا يقدرون على الإِيصاء. قال مقاتل: عجلوا عن الوصية فماتوا، { وَلآَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }، ينقلبون، والمعنى أن الساعة لا تمهلهم لشيء.
{ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ }، وهي النفخة الأخيرة نفخة البعث، وبين النفختين أربعون سنة، { فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ }، يعني: القبور، واحدها: جدث، { إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }، يخرجون من القبور أحياء، ومنه قيل للولد: نسل لخروجه من بطن أمه.
{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }, قال أُبَيّ بن كعب وابن عباس، وقتادة: إنما يقولون هذا لأن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين، فيرقدون فإذا بعثوا بعد النفخة الأخيرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل.
وقال أهل المعاني: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وأنواع عذابها صار عذاب القبر في جنبها كالنوم، فقالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا؟ ثم قالوا: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلمُرْسَلُونَ } أقرّوا حين لم ينفعهم الإقرار.
وقيل: قالت الملائكة لهم: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلمرسلونَ }.
قال مجاهد: يقول الكفار: { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } فيقول المؤمنون: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وصَدقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }.
{ إِن كَانَتْ }، ما كانت، { إِلاَّ صَيْحَةً وَٰحِدَةً }، يعني النفخة الآخرة، { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }.