{وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ}، في التوراة {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ}، من الرشا في الحكم، والمآكل التي يصيبونها من عوامِّهم، عاقبناهم بأنْ حرّمنا عليهم طيباتٍ، فكانُوا كلّما ارتكبوا كبيرةً حُرّم عليهم شيءٌ من الطيبات التي كانت حلالاً لهم، قال الله تعالى:
{ { ذَٰلِكَ جَزَيْنَـٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } } [الأنعام: 146]، {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}.
{لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ}، يعني: ليس كل أهل الكتاب بهذه الصفة، لكن الراسخون البالغون في العلم منهم أولوا البصائر منهم، وأراد به الذين أسْلمُوا من علماء اليهود مثل عبد الله بن سلام وأصحابه، {وَٱلْمُؤْمِنُونَ}، يعني: المهاجرون والأنصار، {يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ}، يعني: القرآن، {وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ}، يعني: سائر الكتب المنزلة، {وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَ}، اختلفوا في وجه انتصابه، فحُكِي عن عائشة رضي الله عنها وأبان بن عثمان: أنه غلط من الكتاب ينبغي أن يكتب والمقيمون الصلاة وكذلك قوله في سورة المائدة
{ { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ } } [المائدة: 69]، وقوله { { إِنْ هَـٰذَٰنِ لَسَاحِرَٰنِ } } [طه: 63] قالوا: ذلك خطأ من الكاتب.
وقال عثمان: إن في المصحف لحناً ستقيمه العربُ بألسنتها، فقيل له: ألاَ تغيّره؟ فقال: دعوه فإنه لا يُحلّ حراماً ولا يُحرّم حلالاً.
وعامة الصحابة وأهل العلم على أنه صحيح، واختلفوا فيه، قيل: هو نصب على المدح، وقيل: نصب بإضمار فعل تقديره: أعني المقيمين الصلاة وهم المؤتون الزكاة، وقيل: موضعه خفض.
واختلفوا في وجهه، فقال بعضهم: معناه لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة، وقيل: معناه يؤمنون بما أُنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة، ثمّ قوله: {وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ} رجوع إلى النسق الأوّل، {وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰۤئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}، قرأ حمزة سيؤتيهم بالياء والباقون بالنون.