التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً
٥٣
أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
-النساء

معالم التنزيل

{ أَمْ لَهُمْ } يعني: أَلَهُمْ؟ والميم صلة { نَصِيبٌ } حظ { مِّنَ ٱلْمُلْكِ } وهذا على جهة الإِنكار، يعني: ليس لهم من الملك شيء ولو كان لهم من الملك شيء، { فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً }، لحسدهم وبخلهم، والنقير: النقطة التي تكون في ظهر النَّواة ومنها تنبت النخلة، وقال أبو العالية: هو نقر الرجل الشيءَ بطرف أصبعه كما ينقر الدرهم. { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ }، يعني: اليهود، ويحسدون الناس: قال قتادة: المراد بالناس العرب، حَسَدَهم اليهود على النُّبُوَّة، وما أكرمهم الله تعالى بمحمد صلّى الله عليه وسلم. وقيل: أراد محمداً صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وجماعة: المراد بالناس: رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحده، حسدوه على ما أحلَّ الله له من النّساء، وقالوا: ما له هَمٌّ إلا النكاح، وهو المراد من قوله: { عَلَىٰ مَآ ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }، وقيل: حسدوه على النُّبوة وهو المراد من الفضل المذكور في الآية، { فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ }، أراد بآل إبراهيم: داود وسليمان، وبالكتاب: ما أنزل الله عليهم وبالحكمة النُّبوة { وَءَاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } فمَنْ فسّر الفضلَ بكثرة النساء فسّر المُلكَ العظيم في حق داود وسليمان عليهما السلام بكثرة النساء، فإنه كان لسليمان ألف امرأة ثلاثمائة حرة وسبعمائة سرية، وكان لداود مائة امرأة، ولم يكن يومئذ لرسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا تسع نسوة، فلما قال لهم ذلك سكتوا.

قال الله تعالى: { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ }، يعني: بمحمد صلّى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن سلام وأصحابه، { وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ }، أعرضَ عنه ولم يُؤمن به، { وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً }، وقوداً، وقيل: المُلك العظيم: مُلك سليمان. وقال السدي: الهاء في قوله { مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ }، راجعة إلى إبراهيم، وذلك أن إبراهيم زرع ذات سنة، وزرعَ الناسُ فهلكَ زرعُ الناس وزكا زرع إبراهيم عليه السلام، فاحتاج إليه الناس فكان يقول: من آمن بي أعطيته، فمن آمن منهم أعطاه، ومن لم يؤمن به منعه.