التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٥٩
-النساء

معالم التنزيل

قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ }، اختلفوا في { أُوْلِي ٱلأَمْرِ }، قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهم: هم الفقهاء والعلماء الذين يعلِّمون الناس معالِمَ دينهم، وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد، ودليلُه قوله تعالى: { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } [النساء: 83]. وقال أبو هريرة: هم الأمراء والولاة. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: حقٌ على الإِمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق علي الرعية أن يسمعوا ويُطيعوا.

أخبرنا أبو علي حسان بن سعد المنيعي أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنا أبو هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطعِ الأميرَ فقد أطاعني، ومنْ يعصِ الأميرَ فقد عصاني"

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد ابن إسماعيل أنا مسدد أنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنهم عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "السمعُ والطاعةُ على المرءِ المسلم فيما أحبَّ وكَرِه، ما لم يُؤمرْ بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"

[أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن محمد الدراوردي] أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد أخبرنا عبادة بن الوليد بن عبادة أن أباه أخبره "عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم على السمعِ والطاعةِ في اليُسر والعُسرِ والمَنْشَطِ والمَكْرَه، وعلى أثَرَةٍ علينَا وعلى أنْ لا نُنَازِعَ الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنّا لا نخاف في الله لَوْمَةَ لاَئمٍ" .

أخبرنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد القفال أنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي أنا أبو بكر بن محمد بن همدان الصيرفي أنا محمد بن يوسف الكديمي قال أخبرنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي التياح:

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: "اسمعْ وأطعْ ولو لعبدٍ حبشي كأن رأسه زبيبة"

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسمعيل الضبي أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي أنا أبو العباس أنا محمد بن أحمد المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي أنا موسى بن عبد الرحمن الكندي أنا زيد بن الحباب أنا معاوية بن صالح حدثني سليم بن عامر قال: سمعتُ أبا أُمامة رضي الله عنه يقول:

سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم يخطب في حَجّةِ الوَدَاع فقال: "اتقُوا الله وصَلُّوا خمسكم وصُومُوا شهرَكم وأدُّوا زكاةَ أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلُوا جنَّة ربِّكُم"

وقيل: المراد أمراء السرايا.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد ابن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا صدقة بن الفضل أنا حجاج بن محمد عن يعلى بن مسلم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ }، قال: نزلتْ في عُبيد الله بن حُذافة بن قيس بن عدي إذْ بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم في سرية.

وقال عكرمة: أراد بأولي الأمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.

حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي أنا عمرو ابن أبي غرزة بالكوفة أخبرنا ثابت بن موسى العابد عن سفيان بن عُيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال:

قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقْتَدُوا باللّذينِ مِن بعدي أبي بكرٍ وعمر" ، رضي الله عنهما.

وقال عطاء: هم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى (والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار) الآية.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمود أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن إسماعيل المكي عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "مثلُ أصحابي في أمتي كالملحِ في الطعامِ لا يَصْلُح الطعامُ إلا بالملح" قال: قال الحسن: قد ذهب مِلْحُنَاً فكيف نصلح.

قوله عزّ وجلّ: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ }، أي: اختلفتم، { فِى شَىْءٍ } من أمر دينكم، والتنازع، اختلاف الآراء وأصله من النزع فكأن المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان، { فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ }، أي: إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حياً وبعد وفاته إلى سُنّته، والردّ إلى الكتاب والسنة واجبٌ إن وُجد فيهما، فإن لم يُوجد فسبيله الاجتهاد. وقيل: الردُّ إلى الله تعالى والرسول أن يقول لِمَا لاَ يعلم: الله ورسولُه أعلم. { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ }، أي: الردُّ إلى الله والرسول، { خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }، أي: أحسنُ مآلاً وعاقبة.