{ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللهِ }، أي لا تتجبروا عليه بترك طاعته، { إِنِّىۤ ءَاتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }، ببرهان بيّن على صدق قولي، فلما قال ذلك توعدوه بالقتل. فقال:
{ وَإِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ }، أي: تَقْتُلوني، وقال ابن عباس: تشتموني وتقولوا هو ساحر. وقال قتادة: ترجموني بالحجارة.
{ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَٱعْتَزِلُونِ }، فاتركوني لا معي ولا عليَّ. وقال ابن عباس: فاعتزلوا أذايَ باليد واللسان، فلم يؤمنوا.
{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلآءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ }، مشركون فأجابه الله وأمره أن يسري, فقال:
{ فَأَسْرِ بِعِبَادِى لَيْلاً }، أي ببني إسرائيل، { إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ }، يتبعكم فرعون وقومه.
{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ }، إذا قطعته أنت وأصحابك، { رَهْواً }، ساكناً على حالته وهيئته، بعد أن ضربته ودخلته، معناه: لا تأمره أن يرجع، اتركه حتى يدخله آل فرعون، وأصل "الرهو": السكون. وقال مقاتل: معناه اترك البحر رهواً راهيا أي: ساكناً، فسمي بالمصدر، أي ذَا رَهْوٍ، وقال كعب: اتركه طريقاً. قال قتادة: طريقاً يابساً. قال قتادة: لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده، فقيل له: اترك البحر رهواً كما هو، { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ }، أخبر موسى أنه يغرقهم ليطمئن قلبه في تركه البحر كما جاوزه، ثم ذكر ما تركوا بمصر.
فقال: { كَمْ تَرَكُواْ }، يعني بعد الغرق، { مِن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ }، مجلس شريف، قال قتادة: الكريم الحسن.
{ وَنَعْمَةٍ }، ومتعة وعيش لين، { كَانُواْ فِيهَا فَـٰكِهِينَ }، ناعمين وفكهين أشرين بطرين.