التفاسير

< >
عرض

لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً
٥
وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
٦
وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
٧
إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً
٨
لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
١٠
-الفتح

معالم التنزيل

{ لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَـٰتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللهِ فَوْزاً عَظِيماً }, وقد ذكرنا عن أنس أن الصحابة قالوا لما نزل { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللهُ }: هنيئاً مريئاً فما يفعل بنا فنزل: { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ } الآية.

{ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَـٰتِ }، أهل النفاق بالمدينة وأهل الشرك بمكة، { ٱلظَّآنِّينَ بِٱللهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ }، أن لن ينصر محمداً والمؤمنين، { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ }، بالعذاب والهلاك، { وَغَضِبَ ٱللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }.

{ وَللهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللهُ عَزِيزاً حَكِيماً * إِنَّآ أَرْسَلْنَـٰكَ شَـٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ }، أي تعينوه وتنصروه، { وَتُوَقِّرُوهُ }، تعظموه وتفخموه هذه الكنايات راجعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وههنا وقف، { وَتُسَبِّحُوهُ }، أي تسبحوا الله يريد تصلوا له، { بُكْرَةً وَأَصِيلاً }، بالغداة والعشي، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو "وليؤمنوا، ويعزروه، ويوقروه، ويسبحوه" بالياء فيهن لقوله: { فِى قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، وقرأ الآخرون بالتاء فيهن.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ }، يا محمد بالحديبية على أن لا يفروا، { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللهَ }، لأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت.

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا يزيد بن زريع، عن خالد، عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج، عن معقل بن يسار، قال لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة، قال: لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر.

قال أبو عيسى: معنى الحديثين صحيح بايعه جماعة على الموت، أي لا نزال نقاتل بين يديك ما لم نقتل، وبايعه آخرون، وقالوا: لا نفر.

{ يَدُ ٱللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يد الله بالوفاء بما وعدهم من الخير فوق أيديهم.

وقال السدي: كانوا يأخذون بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبايعونه، ويد الله فوق أيديهم في المبايعة.

قال الكلبي: نعمة الله عليهم في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة.

{ فَمَن نَّكَثَ }، نقض البيعة، { فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ }، عليه وباله، { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهِ ٱللهَ }، ثبت على البيعة، { فَسَيُؤْتِيهِ }، قرأ أهل العراق "فسيؤتيه" بالياء، وقرأ الآخرون بالنون، { أَجْراً عَظِيماً }، وهو الجنة.