التفاسير

< >
عرض

مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
٣٢
-المائدة

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ }، قرأ أبو جعفر من أجل ذلك بكسر النون موصولاً وقراءة العامة بجزم النون، وفتح الهمزة مقطوعاً، أي: من جراء ذلك القاتل وجنايته، يقال: أجل يأجل أجلاً، إذا جنى، مثل أخذ يأخذ أخذاً، { كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ }، قتلها فيقاد منه، { أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأَرْضِ }، يريد بغير نفس وبغير فساد في الأرض من كفر أو زنا أو قطع طريق، أو نحو ذلك { فَكَأَنَّمَآ قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً }، اختلفوا في تأويلها، فقال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عكرمة: من قتل نبياً أو إماماً عدلاً فكأنما قتل الناسَ جميعاً، ومن شدّ عضد نبيِّ أو إمام عدل فكأنما أحيا الناسَ جميعاً.

قال مجاهد: من قتل نفساً محرّمة يَصْلَى النار بقتلها، كما يصلاها لو قتل الناس جميعاً. "ومن أحياها" من سلم من قتلها فقد سلم من قتل الناس جميعاً.

قال قتادة: أعظم الله أجرها وعظّم وزرها، معناه: من استحل قتل مسلم بغير حقه فكأنما قتل الناس جميعاً في الإثم لأنهم لا يسلمون منه، { وَمَنْ أَحْيَـٰهَا }، وتورّع عن قتلها، { فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }، [في الثواب لسلامتهم منه، قال الحسن: فكأنما قتل الناسَ جميعاً]، يعني: أنه يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل الناسَ جميعاً ومن أحياها: أي عُفِي عمن وجب عليه القصاص فلم يقتله فكأنما أحيا الناس جميعاً، قال سليمان بن علي قلت للحسن: يا أبا سعيد هِيَ لنا كما كانت لبني إسرائيل؟ قال: إيْ والذي لا إله غيره ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا، { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَـٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذٰلِكَ فِى ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }.