قوله تعالى;: { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } أي: كلوا ممّا ذُبح على اسم الله، { إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ مُؤْمِنِينَ }، وذلك أنهم كانوا يُحرّمون أصنافاً من النَّعم ويحلّون الأموات، فقيل لهم: أحِلّوا ما أحلّ الله وحرّموا ما حرّم الله.
ثم قال: { وَمَا لَكُمْ }، يعني: أي شيء لكم، { أَلاَّ تَأْكُلُواْ }، وما يمنعكم من أن تأكلوا، { مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ }، من الذبائح، { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ }، قرأ أهل المدينة ويعقوب وحفص { فصل } و { حرم } بالفتح فيهما أي فصّل الله ما حرمه عليكم؛ لقوله: { ٱسْمُ ٱللَّهِ }، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو بضم الفاء والحاء وكسر الصاد والراء على غير تسمية الفاعل؛ لقوله: { ذُكر } وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر { فصل } بالفتح و { حرم } بالضم، وأراد بتفصيل المحرمات ما ذكر في قوله تعالى:
{ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ } [المائدة: 3]. { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ }، من هذه الأشياء فإنه حلال لكم عند الإضطرار، { وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ }، قرأ أهل الكوفة بضم الياء وكذلك قوله: (ليضلوا) في سورة يونس؛ لقوله تعالى: (يضلوك عن سبيل الله)، وقيل: أراد به عمرو بن لحي فمن دونه من المشركين الذين اتّخذوا البحائر والسوائب، وقرأ الآخرون بالفتح لقوله: { من يضل }، { بِأَهْوَآئِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ }، حين امتنعوا من أكل ما ذكر اسم الله عليه ودعوا إلى أكل الميتة. { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ }، الذين يجاوزون الحلال إلى الحرام.