التفاسير

< >
عرض

قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٢
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣
-الأنعام

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { قُل لِّمَن مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فإن أجابوك وإلاّ و { قُل }، أنتَ، { لله }، أمره بالجواب عقيب السؤال ليكون أبلغ في التأثير وآكد في الحجّة، { كَتَبَ }، أي: قضى، { عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ }، هذا استعطاف منه تعالى للمتولِّين عنه إلى الإقبال عليه وإخباره بأنه رحيم بالعباد لا يعجل العقوبة، ويقبل الإنابة والتوبة.

أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي أخبرنا أبو طاهر الزيادي أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أنا عبدالرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى اللَّهُ الخلقَ كتبَ كتاباً فهو عنده فوق العرش: إنّ رحمتي غلبت غضبي" .

أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبدالله بن علي الكُرَّكاني أنا أبو طاهر الزيادي أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا عبدالرحمن المروزي أخبرنا عبدالله بن المبارك أنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ لله مائةَ رحمةٍ واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تتعاطف الوحوش على أولادها، وأخّرَ الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة" .

أخبرنا عبدالواحد المليحي أنا أحمد بن عبدالله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا ابن أبي مريم ثنا أبو غسان حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها، تسعى إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذه طارحةً ولدها في النار؟ فقلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: اللَّهُ أرحمُ بعبادهِ من هذهِ بولدها" .

قوله عزّ وجلّ: { لَيَجْمَعَنَّكُمْ }، اللام فيه لام القسم والنون نون التأكيد مجازه: والله ليجمعنّكم، { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ }، أي: في يوم القيامة، وقيل: معناه ليجمعنكم في قبوركم إلى يوم القيامة، { لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ }، غبنوا، { أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }.

{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }، أي: استقرّ، قيل: أراد ما سكن وما تحرّك؛ كقوله: (سرابيل تقيكم الحرّ)، أي: الحرّ والبرد، وقيل: إنما خصّ السكون بالذكر لأن النعمة فيه أكثر، قال محمد بن جرير: كل ما طلعت عليه الشمس وغربت فهو من ساكن اللّيل والنهار، والمراد منه جميع ما في الأرض، وقيل معناه: ما يمرّ عليه الليل والنهار، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ }، لأصواتهم، { ٱلْعَلِيمُ } بأسرارهم.