التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ
٨٢
وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
٨٣
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٨٤
-الأنعام

معالم التنزيل

قال الله تعالى قاضياً بينهما: { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَـٰنَهُم بِظُلْمٍ }، لم يخلطوا إيمانهم بشرك، { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }.

أخبرنا عبدالواحد المليحي أنا أحمد بن عبدالله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسحاق ثنا عيسى بن يونس أنا الأعمش أنا إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال: "لمّا نزلت: { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ }، شقّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله فأيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: ليس ذلك, إنما هو الشرك, ألمْ تسمعوا إلى ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }.؟ [لقمان: 13]" .

قوله عزّ وجلّ: { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَـٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ }، حتى خصمهم وغلبهم بالحجة، قال مجاهد: هي قوله: { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ }، وقيل: أراد به الحجاج الذي حاج به نمرود على ما سبق في سورة البقرة.
{ نَرْفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَآءُ }، بالعلم قرأ أهل الكوفة (درجاتٍ)، بالتنوين هاهنا وفي سورة يوسف، أي: نرفع من نشاء درجات بالعلم والفهم والفضيلة والعقل، كما رفعنا درجات إبراهيم حتى اهتدى وحاجّ قومه في التوحيد، { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }.

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا }، ووفقنا وأرشدنا، { وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ }، أي: من قبل إبراهيم، { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ }، أي: ومن ذرية نوح عليه السلام، ولم يرد من ذرية إبراهيم لأنه ذكر في جملتهم يُونس ولوطاً ولم يكونا من ذرية إبراهيم، { دَاوُودَ }، هو داود بن أيشا، { وَسُلَيْمَـٰنَ }، يعني ابنه، { وَأَيُّوبَ }، وهو أيوب بن أموص بن رازح بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم، { وَيُوسُفَ }، هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، { وَمُوسَىٰ }، هو موسى بن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، { وَهَـٰرُونَ }، هو أخو موسى أكبر منه بسنة، { وَكَذٰلِكَ }، أي: وكما جزينا إبراهيم على توحيده بأن رفعنا درجته ووهبنا له أولاداً أنبياء أتقياء كذلك، { نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ }، على إحسانهم، وليس ذكرهم على ترتيب أزمانهم.