التفاسير

< >
عرض

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ
١٠٨
قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
١٠٩
يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
١١٠
قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ
١١١
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
١١٢
-الأعراف

معالم التنزيل

{ ونَزَعَ يَدَهُ فإِذَا هِي بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ }، فأدخل يده في جيبه ثم نزعها، وقيل: أخرجها من تحت إبطه فإذا هي بيضاء لها شعاع غلب نور الشمس، وكان موسى آدم، ثم أدخلها جيبه فصارت كما كانت.

{ قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ } يعنون أنه ليأخذ بأعين الناس حتى يخيل إليهم العصا حية والآدم أبيض، ويُري أن الشيء بخلاف ما هو به.

{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم }، يا معشر القبط، { مِّنْ أَرْضِكُمْ }، مصر، { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }، أي: تشيرون إليه، هذا يقوله فرعون وإن لم يذكره، وقيل: من قول الملأ لفرعون وخاصته.

{ قَالُوۤاْ }، يعني الملأ، { أَرْجِهْ }، قرأ ابن كثير وأهل البصرة وابن عامر بالهمزة وضم الهاء، وقرأ الآخرون بلا همز، ثم نافع برواية ورش والكسائي يشبعان الهاء كسراً، ويسكنها عاصم وحمزة، ويختلسها أبو جعفر وقالون.

قال عطاء: معناه أخّره. وقيل: احبسه. { وَأَخَاهُ }، معناه أشاروا عليه بتأخير أمره وترك التعرض إليه بالقتل، { وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَـٰشِرِينَ }، يعني: الشُرط في المدائن، وهي مدائن الصعيد من نواحي مصر، قالوا: أرسل إلى هذه المدائن رجالاً يحشرون إليك من فيها من السحرة، وكان رؤوس السحرة بأقصى مدائن الصعيد، فإن غلبهم موسى صدقناه وإن غلبوا علمنا أنه ساحر.

فذلك قوله: { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَـٰحِرٍ عَلِيمٍ } قرأ حمزة والكسائي: "سحار" هاهنا وفي سورة يونس، ولم يختلفوا في الشعراء أنه "سحار".

قيل: الساحر: الذي يَعْلمُ السحر ولا يُعَلِّمُ، والسحَّار: الذي يعلّم وقيل: الساحر من يكون سحره في وقت دون وقت، والسحار من يديم السحر.

قال ابن عباس وابن إسحاق والسدي: قال فرعون لمّا رأى من سلطان الله في العصا ما رأى: إنّا لا نُغالب إلا بمن هو منه، فاتخذ غلماناً من بني إسرائيل فبعث بهم إلى قرية يقال لها الفرحاء يعلمونهم السحر، فعلّموهم سحراً كثيراً، وواعد فرعون موسى موعداً فبعث إلى السحرة فجاؤوا ومعلمهم معهم، فقال له: ماذا صنعتم؟ قال: قد علَّمْتُهم سحراً لا يطيقه سحرة أهل الأرض إلا أن يكون أمراً من السماء، فإنه لا طاقة لهم به، ثم بعث فرعون في مملكته فلم يترك في سلطانه ساحراً إلا أتى به.

واختلفوا في عددهم، فقال مقاتل: كانوا اثنين وسبعين، إثنان من القبط، وهم رأسا القوم وسبعون من بني إسرائيل.

وقال الكلبي: كان الذين يعلمونهم رجلين مجوسيين من أهل نينوى، وكانوا سبعين غير رئيسهم.

وقال كعب: كانوا اثني عشر ألفاً. وقال السدي: كانوا بضعة وثلاثين ألفاً.

وقال عكرمة: كانوا سبعين ألفاً. وقال محمد بن المنكدر: كانوا ثمانين ألفاً. وقال مقاتل: كان رئيس السحرة شمعون. وقال ابن جريج: كان رئيس السحرة يوحنا.