التفاسير

< >
عرض

قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ
١٢٥
وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ
١٢٦
وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ
١٢٧
-الأعراف

معالم التنزيل

{ قَالُوۤاْ }، يعني السحرة لفرعون: { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ }، راجعون في الآخرة.

{ وما تَنقِمُ مِنَّآ }، أي: ما تكره منّا. وقال الضحاك وغيره: وما تطعن علينا. وقال عطاء: مالنا عندك من ذنب تعذبنا عليه، { إِلآ أَنْ ءَامَنَّا بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا }، ثم فزعوا إلى الله عزّ وجلّ فقالوا: { رَبَّنَآ أَفْرِغْ } أصببْ { عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }، ذكر الكلبي: أن فرعون قطّع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، وذكر غيره: أنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى: { { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } [القصص: 35].

{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } له: { أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ }، وأرادوا بالإفساد في الأرض دعاءهم الناس إلى مخالفة فرعون في عبادته، { وَيَذَرَكَ }، أي: وليذرك، { وَءالِهَتَكَ }، فلا يعبدك ولا يعبدها. قال ابن عباس: كان لفرعون بقرة يعبدها، وكان إذا رأى بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج السامري لهم عجلاً. وقال الحسن: كان قد علق على عنقه صليباً يعبده. وقال السدي: كان فرعون قد اتّخذ لقومه أصناماً وأمرهم بعبادتها، وقال لقومه: هذه آلهتكم وأنا ربها وربكم، فذلك قوله: { { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24]، وقرأ ابن مسعود وابن عباس والشعبي والضحاك: "ويذرك وإلاَهَتَكَ" بكسر الألف، أي: عبادتك فلا يعبدك، لأن فرعون كان يُعْبَد ولا يَعْبُد. وقيل: أراد بالآلهة الشمس، وكانوا يعبدونها. قال الشاعر:

تَرَوَّحْنَا من اللَّعْبَاءِ قَصْراًوَأعْجَلْنَا الإلاهةَ أَنْ تُؤبَا

{ قَالَ } فرعون: { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ }، قرأ أهل الحجاز: "سنقتل" بالتخفيف من القتل، وقرأ الآخرون بالتشديد من التقتيل على التكثير، { وَنَسْتَحْيِـى نِسَآءَهُمْ }، نتركهن أحياء، { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَـٰهِرُونَ }، غالبون. قال ابن عباس: كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل في العام الذي قيل له إنه يولد مولود يذهب بملكك، فلم يزل يقتلهم حتى أتاهم موسى بالرسالة، وكان من أمره ما كان، فقال فرعون: أعيدوا عليهم القتل فأعادوا عليهم القتل، فشكت ذلك بنو إسرائيل.