التفاسير

< >
عرض

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٤٦
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤٧
-الأعراف

معالم التنزيل

قوله تعالى: { سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَـٰتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ }، قال ابن عباس: يريد الذين يتجبرون على عبادي ويحاربون أوليائي حتى لا يؤمنوا بي، يعني سأصرفهم عن قبول آياتي والتصديق بها عوقبوا بحرمان الهداية لعنادهم للحق؛ كقوله: { فلمّا زاغوا أزاغَ اللَّهُ قلوبَهم }.

قال سفيان بن عيينة: سأمنعهم فهم القرآن. قال ابن جريج: يعني عن خلق السموات والأرض وما فيها، أي سأصرفهم أن يتفكّروا فيها ويعتبروا بها. وقيل: حكم الآية لأهل مصر خاصة، وأراد بالآيات الآيات التسع التي أعطاها الله تعالى موسى عليه السلام. والأكثرون على أنّ الآية عامة { وَإِن يَرَوْاْ }، [يعني: هؤلاء المتكبّرين]، { كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ }، قرأ حمزة والكسائي "الرُّشَد" بفتح الراء والشين، والآخرون بضم الراء وسكون الشين وهما لغتان كالسُّقم والسَّقم والبُخل والبَخل والحُزن والحَزن.

وكان أبو عمر يفرِّق بينهما، فيقول: الرُّشد ـ بالضم ـ الصلاح في الأمر وبالفتح الاستقامة في الدين. معنى الآية: إن يروا طريق الهدى والسداد، { لاَ يَتَّخِذُوهُ } لأنفسهم { سَبِيلاً }، { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَىِّ }، أي: طريق الضلال { يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَـٰفِلِينَ }، عن التفكير فيها والاتعاظ بها غافلين ساهين.

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ } أي: ولقاء الدار الآخرة التي هي موعد الثواب والعقاب، { حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ }، بطلت وصارت كأن لم تكن، { هَلْ يُجْزَوْنَ } في العقبى { إِلاَّ مَا كَانُواْ }، أي: إلا جزاء ما كانوا { يَعْمَلُونَ } في الدنيا.