التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ
١٤٨
وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
١٤٩
-الأعراف

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ }، أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل { مِنْ حُلِيِّهِمْ } التي استعاروها من قوم فرعون. قرأ حمزة والكسائي { مِنْ حُلِيِّهِمْ } بكسر الحاء وقرأ يعقوب بفتح الحاء وسكون اللام، اتّخذ السامريّ منها { عِجْلاً }، وألقى في فمه من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام فتحول عجلاً، { جَسَداً }، حياً لحماً ودماً { لَّهُ خُوَارٌ }، وهو صوت البقر، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، وجماعة أهل التفسير.

وقيل: كان جسداً مجسداً من ذهب لا روح فيه، كان يسمع منه صوت.

وقيل: كان يسمع صوت حفيف الريح يدخل في جوفه ويخرج. والأول أصح.

وقيل: إنه ما خار إلا مرة واحدة. وقيل: إنه كان يخور كثيراً كلما خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رؤوسهم. وقال وهب: كان يسمع منه الخوار وهو لا يتحرك.

وقال السدي: كان يخور ويمشي، { أَلَمْ يَرَوْاْ }، يعني: الذين عبدوا العجل { أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً }. قال الله عزّ وجلّ: { ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَـٰلِمِينَ }، أي: اتخذوه إلهاً وكانوا كافرين.

{ وَلَمّا سُقِطَ فِي أيْدِيهِمْ }، أي: ندموا على عبادة العجل، تقول العرب لكل نادم على أمر: قد سقط في يديه، { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا }، يَتُبْ علينا ربُّنا، { وَيَغْفِرْ لَنَا }، يتجاوز عنا، { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ }، قرأ حمزة والكسائي: "ترحمنا وتغفر لنا" بالتاء فيهما، "رَبَّنَا" بنصب الباء. وكان هذا الندم والاستغفار منهم بعد رجوع موسى إليهم.