قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ }، أي: اتخذوه إلهاً { سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ }، في الآخرة { وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، قال أبو العالية: هو ما أمروا به من قتل أنفسهم. وقال عطية العوفي: "إن الذين اتخذوا العجل"، أراد اليهودَ الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم عيّرهم بصنيع آبائهم فنسبه إليهم، { سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، أراد ما أصاب بني قريظة والنضير من القتل والجلاء.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الجزية، { وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُفْتَرِينَ }، الكاذبين، قال أبو قلابة: هو ـ والله ـ جزاء كل مفترٍ إلى يوم القيامة أن يذلّه الله. قال سفيان بن عيينة: هذا في كل مبتدع إلى يوم القيامة.
قوله عزّ وجلّ: { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَءَامَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
قوله تبارك وتعالى: { وَلَمَّا سَكَتَ } أي: سكن، { عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ }، التي كان ألقاها وقد ذهبت ستة أسباعها { وَفِى نُسْخَتِهَا }، اختلفوا فيه، قيل: أراد بها الألواح لأنها نسخت من اللوح المحفوظ.
وقيل: إن موسى لمّا ألقى الألواح تكسرت فنسخ نسخة أخرى فهو المراد من قوله: { وَفِى نُسْخَتِهَا }.
وقيل: أراد فيما نسخ منها. وقال عطاء: فيما بقي منها. وقال ابن عباس وعمر بن دينار: لما ألقى موسى الألواح فتكسّرت صام أربعين يوماً فردت عليه في لوحين فكان فيه، { هُدًى وَرَحْمَةً }، أي: هدى من الضلالة ورحمة من العذاب، { لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ }، أي: للخائفين من ربهم، واللام في { لِرَبِّهِمْ } زيادة للتوكيد؛ كقوله:
{ { رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72]، وقال الكسائي: لما تقدمتْ قبل الفعل حَسُنَتْ، كقوله: { { لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } [يوسف: 43]، وقال قطرب: أراد من ربهم يرهبون. وقيل: أراد راهبون. وقيل: أراد راهبون لربهم.