التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
١٨٥
مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١٨٦
يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨٧
-الأعراف

معالم التنزيل

{ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ }، فيهما، { مِن شَىْءٍ }، أي: وينظروا إلى ما خلق الله فيهما من شيء ليستدلوا بها على وحدانيّته. { وَأَنْ عَسَىٰۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ }، أي: لعلّ أن يكون قد اقترب أجلهم فيموتوا قبل أن يؤمنوا ويصيروا إلى العذاب، { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }، أي: بعد القرآن يؤمنون، يقول: بأي كتاب غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم يصدّقون، وليس بعده نبي ولا كتاب، ثم ذكر علة إعراضهم عن الإيمان فقال:

{ مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ }، قرأ أهل البصرة وعاصم بالياء ورفع الراء، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وجزم الراء، لأن ذكر الله قد مرّ قبله، وجزم الراء مردود على "يظلل"، وقرأ الآخرون: بالنون ورفع الراء على أنه كلام مستأنف. { فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ }، يتردّدون متحيرين.

قوله تعالى: { يَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا }، قال قتادة: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بيننا وبينك قرابة فأسرَّ إلينا متى الساعة؟ فأنزل الله تعالى: "يسألونك عنِ الساعة"، يعني: القيامة، { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: منتهاها. وقال قتادة: قيامها. وأصله الثبات، أي: مثبتها، { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي }، استأثر بعلمها ولا يعلمها إلا هو، { لاَ يُجَلِّيهَا }، لا يكشفها ولا يظهرها. قال مجاهد: لا يأتي بها، { لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }، يعني: ثقل علمها وخفي أمرها على أهل السموات والأرض، وكل خفي ثقيل. قال الحسن: يقول إذا جاءت ثقلت وعظمت على أهل السموات والأرض، { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً }، فجأة على غفلة.

أخبرنا عبدالواحد المليحي، حدثنا أحمد بن عبدالله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لَقْحته فلا يطعمه، ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها" .

{ يَسْـأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا }، أي عالم بها من قولهم أحفيت في المسألة، أي: بالغت فيها، معناه: كأنك بالغت في السؤال عنها حتى علمتها، { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }، أنّ علمها عند الله حتى سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم عنها.