التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
١٨
ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٩
فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ
٢٠
وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ
٢١
-الأعراف

معالم التنزيل

{ قالَ } الله تعالى لإبليس: { ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا }، أي: معيباً، والذيم والذَّأْم أشد العيب، يقال: ذَأَمَهُ يَذْأمُهُ ذَأْمَاً فهو مذؤومٌ وذامه يذيمه ذاماً فهو مذيم، مثل سار يسير سيراً. المدحور: المبعد المطرود، يقال: دحره يدحره دحراً إذا أبعده وطرده. قال ابن عباس: مذؤوماً أي ممقوتاً، وقال قتادة: مذؤماً مدحوراً، أي: لعيناً شقياً. وقال الكلبي: مذؤماً (ملوماً) مدحوراً مقصياً من الجنّة ومن كل خير. { لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ }، من بني آدم، { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ }، اللام لام القسمُ، { مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }، أي: منك ومن ذريّتك ومن كفار ذرية آدم أجمعين.

{ وَيَـٰـآدَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }.

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ }، أي: إليهما، والوسوسة: حديث يُلقيه الشيطان في قلب الإنسان، { لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَٰتِهِمَا }، أي: أظهر لهما ما غُطي وسُتر عنهما من عوراتهما، قيل: اللام فيه لام العاقبة وذلك أن إبليس لم يوسوس لهذا، ولكن كان عاقبة أمرهم ذلك، وهو ظهور عورتهما؛ كقوله تعالى: { { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8]، ثم بين الوسوسة فقال: { وَقَالَ } يعني إبليس لآدم وحواء، { مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلآ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ }، يعني: كراهية أن تكونا من مَلَكَيْن من الملائكة يعلمان الخير والشر، { أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ }، من الباقين الذين لا يموتون؛ كما قال في موضع آخر: { { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [طه: 120].

{ وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } أي: وأقسم وحلف لهما وهذا من المفاعلة التي تختصّ بالواحد، وقال قتادة: حلف لهما بالله حتى خدعهما، وقد يُخدع المؤمن بالله، فقال: إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتّبِعاني أرشدكما، وإبليس أوّل من حلف بالله كاذباً فلما حلف ظنّ آدم أن أحداً لا يحلف بالله لا يحلف بالله كاذباً، فاغترَّ به.