{ آلمص }. { كِتَابٌ } أي: هذا كتاب، { أُنزِلَ إِلَيْكَ }، وهو القرآن، { فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ }، قال مجاهد: شكّ، فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به الأمّة. وقال أبو العالية: حرج أي ضيق، معناه: لا يضيق ما أُرسلتَ به، { لِتُنذِرَ بِهِ }، أي: كتاب أُنزل إليكَ لِتُنْذِرَ به، { وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }، أي: عظة لهم، وهو رفع، مردود على الكتاب.
{ ٱتَّبِعُواْ }، أي: وقلْ لهم اتَّبعوا. { مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ }، أي: لا تتخذوا غيره أولياء تطيعونهم في معصية الله تعالى، { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }، تتعِظُونَ، وقرأ ابن عامر: { يتذكرون }، بالياء والتاء.
{ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا }، بالعذاب، { وكم } للتكثير و"رُبّ" للتقليل { فَجَآءَهَا بَأْسُنَا }، عذابنا، { بَيَـٰتًا }، ليلاً { أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ }، من القيلولة، تقديره: فجاءها بأسُنَا ليلاً وهم نائمون أو نهاراً وهم قائلون، أو نائمون ظهيرة، والقيلولة: استراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم. ومعنى الآية: أنهم جاءهم بأسُنا وهم غير متوقّعين إمّا ليلاً أو نهاراً. قال الزجاج: و "أوْ" لتصريف العذاب، أي: مرّة ليلاً ومرة نهاراً. وقيل: معناه مِنْ أهل القرى مَنْ أهلكناهم ليلاً، ومنهم من أهلكناهم نهاراً.
فإن قيل: ما معنى أهلكناها فجاءها بأسُنا؟ فكيف يكون مجيء البأس بعد الهلاك؟ قيل: معنى "أهلكنا" أي: حَكَمْنَا بإهلاكها فجاءها بأسُنا. وقيل: فجاءها بأسنا وهو بيان قوله: "أهلكناها"، مثل قول القائل: أعطيتني فأحسنت إليّ لا فرق بينه وبين قوله: أحسنت إليّ فأعطيتني، فيكون أحدهما بدلاً من الآخر.