التفاسير

< >
عرض

فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٣٢
-الأعراف

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { فَرِيقًا هَدَىٰ }، أي: هداهم الله، { وَفَرِيقًا حَقَّ }، وجب { عَلَيْهِمُ ٱلضَّلَـٰلَةُ }، أي: بالإرادة السابقة، { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَـٰطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }، فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء.

قوله تعالى: { يَابَنِيۤ آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } قال أهل التفسير: كانت بنو عامر يطوفون بالبيت عراة، فأنزل الله عزّ وجلّ: "يا بني آدم خذُوا زينتَكم عندَ كلِّ مسجد"، يعني: الثياب. قال مجاهد: ما يُواري عورتك ولو عباءة.

قال الكلبي: الزينة ما يُواري العورة عند كل مسجد لطواف وصلاة.

{ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ }. قال الكلبي: كانت بنو عامر لا يأكلون في أيام حجِّهم من الطعام إلاّ قوتاً ولا يأكلون دسماً، يعظّمون بذلك حجَّهم، فقال المسلمون: نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله، فأنزل الله عزّ وجلّ: "وكلوا" يعني اللحم والدسم "واشربوا" اللبن، { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ }، بتحريم ما أحلّ الله لكم من اللحم والدسم، { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }، الذين يفعلون ذلك. قال ابن عباس: كُلْ ما شئتَ والبسْ ما شئتَ ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة. قال علي بن الحسين بن واقد: قد جمع الله الطِبَّ كله في نصف آية فقال: { كُلوا واشربوا ولا تسرفوا }.

قوله عزّ وجلّ: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ }، يعني: لبس الثياب في الطواف، { وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ }، يعني: اللحم والدسم في أيام الحج.

وعن ابن عباس وقتادة: والطيبات من الرزق ما حرّم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب. { قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ }، فيه حذف تقديره: هي للذين آمنوا وللمشركين في الحياة الدنيا فإن أهل الشّرك يشاركون المؤمنين في طيبات الدنيا، وهي في الآخرة خالصة للمؤمنين لا حظّ للمشركين فيها.

وقيل: هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين، فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم.

قرأ نافع { خَالِصَةً } رفع، أي: قلْ هي للذين آمنوا مشتركين في الدنيا، خالصة يوم القيامة للمؤمنين. وقرأ الآخرون بالنصب على القطع، { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }.