قوله عزّ وجلّ: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ }، قال بعضهم لبعض، { أَخْرِجُوهُم }، يعني: لوطاً وأهل دينه، { مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }، يتنزهون عن أدبار الرجال.
{ فَأَنجَيْنَـٰهُ }، يعني: لوطاً، { وَأَهْلَهُ } المؤمنين، وقيل: أهله ابنتاه، { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ }، يعني: الباقين في العذاب. وقيل: معناه كانت من الباقين المُعَمَّرين، قد أتى عليها دهر طويل فهلكتْ مع من هلك من قوم لوط، وإنما قال: "من الغابرين"، لأنه أراد ممن بقي من الرجال فلما ضمَّ ذِكْرَها إلى ذِكْرِ الرجال قال: "من الغابرين".
{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا }، يعني: حجارة من سجيل، قال وهب: الكبريت والنار، { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }، قال أبو عبيدة: يقال في العذاب أمطر، وفي الرحمة: مطر.
قوله تعالى: { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا }، أي: وأرسلنا إلى ولد مدين - وهو مدين بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام - وهم أصحاب الأيكة أخاهم شعيباً في النسب لا في الدين. قال عطاء: هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم. وقال ابن إسحاق: هو شعيب بن ميكائيل بن يسخر بن مدين بن إبراهيم، وأم ميكائيل بنت لوط. وقيل: هو شعيب بن يثرون بن مدين وكان شعيب أعمى وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وكان قومه أهل كفر وبخس للمكيال والميزان.
{ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }، فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: "قد جاءتكم بينة من ربكم"، ولم تكن لهم آية؟
قيل: قد كانت لهم آية إلاّ أنها لم تذكر، وليست كل الآيات مذكورة في القرآن.
وقيل: أراد بالبينة مجيء شعيب.
{ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ }، أتموا الكيل، { وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ }، لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوها إياها، { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا }، أي: ببعث الرسل والأمر بالعدل، وكل نبي بعث إلى قوم فهو صلاحهم، { ذَلِكُم } الذي ذكرت لكم وأمرتكم به، { خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }، مصدّقين بما أقول.