{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً }، أي: شكاً ونفاقاً، { فِي قُلُوبِهِم }، يحسبون أنهم كانوا في بنيانه مُحسنين كما حُبب العجل إلى قوم موسى. قاله ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الكلبي: حسرة وندامة لأنهم ندموا على بنائه. وقال السدي: لا يزال هدم بنائهم ريبة وحزازةً وغيظاً في قلوبهم.
{ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ }، أي: تتصدّع قلوبهم فيموتوا. وقرأ ابن عامر، وأبو جعفر، وحمزة وحفص: "تَقطّع" بفتح التاء أي: تتقطع. والآخرون بضمِّها. وقرأ يعقوب وحده «إلى أن» خفيفٌ، على الغاية، "تُقطع" بضم التاء، خفيف، من القطع يدل على تفسيرُ الضحَّاك وقتادةَ: لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.
قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ }. الآية.
"قال محمد بن كعب القرظي: لما بايعتِ الأنصارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة بمكة وهم سبعون نفساً، قال عبدالله بن رواحة: يارسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت.
فقال: أشترط لربي عزّ وجلّ: أن تعبدوه ولا تُشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي، أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسَكم وأموالكم.
قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟
قال: الجنة، قالوا: رَبِحَ البيعُ لانقيلُ ولا نستقيل، فنزلت: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ }"
.
وقرأ الأعمش «بالجنة».
{ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ }، قرأ حمزة والكسائي: «فَيَقْتُلُون» بتقديم المفعول يقتل بعضهم بعضاً، ويقتل الباقون. وقرأ الآخرون بتقديم الفاعل. { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } أي: ثواب الجنة لهم وعدٌ وحقٌ { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ }، يعني: أنّ اللّهَ عزّ وجلّ وعدهم هذا الوعد وبيَّنه في هذه الكتب، وفيه دليل على أن أهل الملل كلهم أُمروا بالجهاد على ثواب الجنة، ثم هنَّأّهم فقال: { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ }، فافرحوا { بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }، قال عمر رضي الله عنه: إنّ الله عزّ وجلّ بايعك وجعل الصفقتين لك.
وقال قتادة: ثَامَنَهُمُ اللّهُ عزّ وجلّ فأغْلَى لهم.
وقال الحسن: اسعوا إلى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن. وعنه أنه قال: إن الله أعطاك الدنيا فاشتر الجنة ببعضها