قوله تعالى: { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } في الدِّين واتفاق الكلمة والعون والنصرة. { يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ }، بالإِيمان والطاعة والخير، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ }، عن الشرك والمعصية وما لا يُعرف في الشرع، { وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ }، المفروضة، { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةً }، منازل طيبة، { فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي: بساتين خلد وإقامة، يُقال: عدن بالمكان إذا أقام به.
قال ابن مسعود: هي بُطْنَان الجنة، أي: وسطها.
قال عبدالله بن عمرو بن العاص: إن في الجنة قصراً يقال له: "عَدْنٌ" حوله البروج والمروج، له خمسة آلاف باب لا يدخله إلاّ نبيٌّ أو صديق أو شهيدٌ.
وقال الحسن: قصرٌ من ذهب لا يدخله إلا نبيٌّ أو صديقٌ أو شهيدٌ أو حَكَمٌ عدلٌ.
وقال عطاء بن السائب: "عدن" نهر في الجنة [جنانه] على حافتيه.
وقال مقاتل والكلبي: "عدن" أعلى درجة في الجنة، وفيها عين التنسيم، والجنان حولها، محدقة بها، وهي مغطَّاة من حين خلقها الله تعالى حتى ينزلها أهلها: الأنبياءُ والصِّدِّيقُون والشهداءُ والصالحون، ومن شاء الله، وفيها قصورُ الدُّرِّ واليواقيت والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش فتدخل عليهم كُثْبَانُ المِسْكِ الأذْفَر الأبيض.
{ وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }. أي: رضا الله عنهم أكبر من ذلك، { ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }. روينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"يقول الله عزّ وجلّ لأهلِ الجنّةِ: يا أهلَ الجنّة هلْ رضيتُم؟ فيقولون: ربَّنا ما لنا لا نرضى وقد أعطيتَنا ما لم تُعْطِهِ أحداً من خلقك، فيقول: أفلا أعطيكم أفضلَ من ذلك؟ فيقولُونَ: ربنا وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رِضْوَاني فلا أسخط عليكم بعده أبداً" .