التفاسير

< >
عرض

ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٩٧
وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٩٨
وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٩٩
-التوبة

معالم التنزيل

{ ٱلأَعْرَابِ }، أي: أهل البدو، { أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا }، من أهل الحضر، { وَأَجْدَرُ }، أخلق وأحرى، { أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ }، وذلك لبعدهم عن سماع القرآن ومعرفة السُّنن، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بما في قلوب خلقه، { حَكِيمٌ }، فيما فرض من فرائضه.

{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا }. قال عطاء: لا يرجو على إعطائه ثواباً، ولا يخاف على إمساكه عقاباً، إنما ينفق خوفاً أو رياءً. والمغرم التزام مالا يلزم. { وَيَتَرَبَّصُ }، وينتظر، { بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } يعني: صروف الزمان التي تأتي مرة بالخير ومرة بالشر. وقال يمان بن رباب: يعني ينقلب الزمان عليكم فيموت الرسول ويظهر المشركون، { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } عليهم يدور البلاء والحزن، ولا يرون في محمد ودينه إلاّ ما يسوءهم.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: { دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } هاهنا وفي سورة الفتح، بضم السين، معناه: الضر والبلاء والمكروه. وقرأ الآخرون بفتح السين على المصدر. وقيل: بالفتح الردة والفساد، وبالضم الضر والمكروه.

{ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. نزلت في أعراب أسد وغطفان وتميم. ثم استثنى فقال:

{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ }، وقال مجاهد: هم بنو مُقَرِّن من مُزينة. وقال الكلبي: أسلم وغفار وجُهينة.

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن عبدالله الطَّاهريُّ، أنبأنا جدي عبدالصمد بن عبدالرحمن البزاز، أنبأنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَريُّ، أنبأنا عبدالرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمُ وغفارٌ وشيءٌ من جُهينة ومُزينة خيرٌ عندَ اللَّهِ يومَ القيامة مِن تميمٍ وأسدِ بن خُزيْمَةَ وهوازنَ وغطفانَ" .

{ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَـٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ }، القربات جمع القربة، أي: يطلب القربة إلى الله تعالى، { وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِ }، أي: دعاءه واستغفاره، قال عطاء: يرغبون في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم. { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ }. قرأ نافع برواية ورش "قُرُبة" بضم الراء، والباقون بسكونها. { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِى رَحْمَتِهِ }، في جنته، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.