التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٣
-يونس

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

{ يبغون }: أي يفسدون ويكفرون، والبغي: التعدي والأعمال الفاسدة، ووكد ذلك بقوله: { بغير الحق } ثم ابتدأ بالرجز وذم البغي في أوجز لفظ، وقوله " متاعُ الحياة " رفع، وهذه قراءة الجمهور وذلك على خبر الابتداء، والمبتدأ { بغيكم } ، ويصح أن يرتفع { متاع } على خبر ابتداء مضمر تقديره ذلك متاع أو هو متاع، وخبر " البغي " قوله { على أنفسكم }، وقرأ حفص عن عاصم وهارون عن أبن كثير وابن أبي إسحاق: " متاعَ " بالنصب وهو مصدر في موضع الحال من " البغي" وخبر البغي على هذا محذوف تقديره: مذموم أو مكروه ونحو هذا، ولا يجوز أن يكون الخبر قوله { على أنفسكم } لأنه كان يحول بين المصدر وما عمل فيه بأجنبي، ويصح أن ينتصب { متاع } بفعل مضمر تقديره: تمتعون متاع الحياة الدنيا، وقرأ ابن أبي إسحاق "متاعاً الحياةَ الدنيا" بالنصب فيهما، ومعنى الآية إنما بغيكم وإفسادكم مضر لكم وهو في حالة الدنيا ثم تلقون عقابه في الآخرة، قال سفيان بن عيينة: { إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا } أي تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا، وعلى هذا قالوا: البغي يصرع أهله.
قال القاضي أبو محمد: وقالوا: الباغي مصروع، قال الله تعالى:
{ { ثم بغي عليه لينصرنه الله } } [ الحج: 60] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من ذنب أسرع عقوبة من بغي" وقرأت فرقة " فننبئكم " على ضمير المعظم المتكلم وقرأت فرقة: " فينبئكم "، على ضمير الغائب، والمراد الله عز وجل.