التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٦٧
قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦٨
قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
٦٩
مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٧٠
-يونس

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

لما نص عظمة الله تعالى في الآية المتقدمة عقب ذلك في هذه بالتنبيه على أفعاله لتبين العظمة المحكوم بها قبل، وقوله { لتسكنوا } دال على أن النهار للحركة والتصرف، وكذلك هو في الوجود، وذلك أن حركة الليل متعذرة بفقد الضوء، وقوله { والنهار مبصراً } مجاز لأن النهار لا يبصر ولكنه ظرف للإبصار، وهذا موجود في كلام العرب إذ المقصود من ذلك مفهوم، فمن ذلك قول ذي الرمة: [الطويل]

لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم

وليس هذا من باب النسب كعيشة راضية ونحوها. وإنما ذلك مثل قول الشاعر: [الكامل]

أما النهار ففي قيد وسلسلة والليل في بيت منحوت من الساج

فجعل الليل والنهار بهاتين الحالتين وليس يريد إلا أنه هو فيهما كذلك، وهذا البيت لمسجون كان يبيت في خشبة السجن، وعلى أن هذا البيت قد ينشد "أما النهار" بالنصب، وفي هذه الألفاظ إيجاز وإحالة على ذهن السامع لأن العبرة هي في أن الليل مظلم يسكن فيه والنهار مبصر يتصرف فيه، فذكر طرف من هذا والطرف الآخر من الجهة الثانية ودل المذكوران على المتروكين، وهذا كما في قوله تعالى: { { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع } [البقرة: 171]. وقوله { يسمعون } يريد ويعون، والضمير في { قالوا } للكفار العرب وذلك قول طائفة منهم: الملائكة بنات الله، والآية بعد تعم كل من قال نحو هذا القول كالنصارى ومن يمكن أن يعتقد ذلك من الكفرة، و { سبحانه }: مصدر معناه تنزيهاً له وبراءة من ذلك، فسره بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله { هو الغني } صفة على الإطلاق أي لا يفتقر إلى شيء من الجهات، و "الولد" جزء مما هو غني عنه، والحق هو قول الله تعالى { أنتم الفقراء إلى الله } } [فاطر: 15]، وقوله { ما في السماوات }، أي بالملك والإحاطة والخلق، و { إن } نافية، و "السلطان" الحجة، وكذلك معناه حيث تكرر من القرآن، ثم وقفهم موبخاً بقوله { أتقولون على الله ما لا تعلمون }، وقوله { قل إن الذين يفترون على الله } الآية، هذا توعد لهم بأنهم لا يظفرون ببغية ولا يبقون في نعمة إذ هذه حال من يصير إلى العذاب وإن نعم في دنياه يسيراً، وقوله: { متاع } مرفوع على خبر ابتداء، أي ذلك متاع أو هو متاع أو على الابتداء بتقدير: لهم متاع، وقوله { ثم إلينا مرجعهم } إلى آخر الآية توعد بحق.