التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥١
قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٥٢
-العنكبوت

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الضمير في { قالوا } لقريش ولبعض اليهود، لأنهم كانوا يعلمون قريشاً مثل هذه الحجة يقولون: لم لا يأتيكم بمثل ما جاء به موسى من العصا وغيرها، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وعلي بن نضر عن أبي عمرو "آية من ربه"، وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص عن عاصم "آيات من ربه"، فأمر الله تعالى نبيه أن يعلم أن هذا الأمر بيد الله عز وجل ولا يستنزله الاقتراح ولا التمني وأنه بعث نذيراً ولم يؤمر بغير ذلك، وفي مصحف أبي بن كعب "قالوا لو ما يأتينا بآيات من ربه قل إنما الآيات"، ثم احتج عليهم في طلبهم آية بأمر القرآن الذي هو أعظم الآيات ومعجز للجن والإنس فقال: { أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب }، ثم قرر ما فيه من "الرحمة والذكرى" للمؤمنين، فقوله { أو لم يكفهم }، جواب لمن قال { لولا أنزل }، وحكى الطبري أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من المؤمنين كتبوا عن اليهود بطائق أخبروهم بشيء من التوراة فكتبوه، فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال "كفى بها ضلالة قوم أن رغبوا عما آتاهم به نبيهم إلى ما أتى به غيره" ، ونزلت الآية بسببه.
قال الفقيه الإمام القاضي: والتأويل الأول أجرى مع نسق الآيات، ثم أمر تعالى نبيه بالإسناد إلى أمر الله تعالى وأن يجعله حسبه { شهيداً } وحاكماً بينه وبينهم بعلمه وتحصيله جميع أمورهم، وقوله { بالباطل }، يريد بالأصنام والأوثان وما يتبع أمرها من المعتقدات، والباطل، هو أن يفعل فعل يراد به أمر ما، وذلك الأمر لا يكون عن ذلك الفعل، والأصنام أريد بأمرها الأكمل والأنجح في زعم عبادها وليس الأكمل والأنجح إلا رفضها فهي إذاً باطل، وباقي الآية بين.