التفاسير

< >
عرض

يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٧١
لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً
١٧٢
-النساء

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

{ إنما } في هذه الآية حاصرة، اقتضى ذلك العقل في المعنى المتكلم فيه، ولست صيغة { إنما } تقتضي الحصر، ولكنها تصلح للحصر وللمبالغة في الصفة وإن لم يكن حصر، نحو: إنما الشجاع عنترة وغير ذلك. و { سبحانه } : معناه تنزيهاً له وتعظيماً عن أن يكون له ولد كما تزعمون أنتم أيها النصارى في أمر عيسى، إذ نفلتم أبوة الحنان والرأفة إلى أبوة النسل، وقرأ الحسن بن أبي الحسن "أن يكون له ولداً" بكسر الألف من "أن" وهي نافية بمعنى ما يكون له ولد، وقوله تعالى: { له ما في السماوات وما في الأرض } الآية: إخبار يستغرق عبودية عيسى وغير ذلك من الأمور.
ثم برأ تعالى جهة المسيح عليه السلام من أقوالهم، وخلصه للذي يليق به فقال { لن يستنكف المسيح أن يكون } الآية، والاستنكاف: إباية بأنفة، وقوله تعالى: { ولا الملائكة المقربون } زيادة في الحجة وتقريب من الأذهان، أي ولا هؤلاء الذين هم في أعلى درجات المخلوقين، لا يستنكفون عن ذلك فكيف سواهم، وفي هذه الآية الدليل الواضح على تفضيل الملائكة على الأنبياء، ثم أخبر تعالى عمن يستنكف أي يأنف عن عبادة الله ويستكبر، بأنه سيناله الحشر يوم القيامة والرد إلى الله، وقوله { فسيحشرهم } عبارة وعيد، وقرأ جمهور الناس "فسيحشرهم" بالياء، وقرأ الحسن بن أبي الحسن "فسنحشرهم" بنون الجماعة، "فنوفيهم"، "ونزيدهم"، "فنعذبهم"، كلها بالنون، قال أبو الفتح: وقرأ مسلمة "فسيحشْرهم"فيعذْبهم" بسكون الراء والباء على التخفيف.
وبين الله تعالى أمر المحشورين، فأخبر عن المؤمنين العاملين بالصالحات، أنه "يوفيهم أجورهم" حتى لا يبخس أحد قليلاً ولا كثيراً، وأنه يزيدهم من فضله، وتحتمل هذه الزيادة أن تكون المخبر عنها في أن الحسنة بعشر إلى سبعمائة ضعف، ويحتمل أن يكون التضعيف الذي هو غير مصرد محسوب، وهو المشار إليه في قوله تعالى:
{ { والله يضاعف لمن يشاء } [البقرة:261].