التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
١٠
قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
١١
-الأنعام

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

قرىء "ولقد" بضم الدال مراعاة للضمة بعد الساكن الذي بعد الدال، وقرىء بكسر الدال على عرف الالتقاء، وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بالأسوة في الرسل وتقوية لنفسه على محاجّة المشركين وإخبار يتضمن وعيد مكذبيه والمستهزئين، و "حاق" معناه نزل وأحاط، وهي مخصوصة في الشر، يقال حاق يحيق حيقاً ومنه قول الشاعر:

فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم وحاق بهم من بأس ضبة حائق

وقال قوم: أصل حاق حق فبدلت القاف الواحدة كما بدلت النون في تظننت.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، و { ما } في قوله: { ما كانوا } يصح أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر، كأنه قال: استهزاؤهم، وهذا كناية عن العقوبة كما تهدد إنساناً فتقول سيلحقك عملك، المعنى عاقبته، وسخروا معناه استهزؤوا.
وقوله تعالى:
{ قل سيروا } الآية، حض على الاعتبار بآثار من مضى ممن فعل فعلهم، وقال { كان } ولم يقل كانت لأن تأنيث العاقبة ليس بحقيقي، وهي بمعنى الآخر والمآل، ومعنى الآية { سيروا } وتلقوا ممن سار لأن العبرة بآثار من مضى إنما يستند إلى حس العين.