التفاسير

< >
عرض

وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
١٢٠
-هود

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وكلاً نقصُّ } قال الزجاج: «كلاً» منصوب بـ «نقص»، المعنى: كل الذي تحتاج إِليه من أنباء الرسل نقص عليك. و «ما» منصوبة بدلاً من كل، المعنى: نقص عليك ما نثبِّت به فؤادك؛ ومعنى تثبيت الفؤاد تسكين القلب هاهنا، ليس للشك، ولكن كلما كان البرهان والدلالة أكثر كان القلب أثبت.

قوله تعالى: { وجاءك في هذه الحق } في المشار إِليه بــ «هذه» أربعة أقوال:

أحدها: أنها السورة، قاله ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير وأبو العالية، ورواه شيبان عن قتادة.

والثاني: أنها الدنيا، فالمعنى: وجاءك في هذه الدنيا، رواه سعيد عن قتادة؛ وعن الحسن كالقولين.

والثالث: أنها الأقاصيص المذكورة.

والرابع: أنها هذه الآية بعينها، ذكر القولين ابن الأنباري.

وفي المراد بالحق هاهنا ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها البيان. والثاني: صدق القصص والأنباء. والثالث: النبوة.

فإن قيل: أليس قد جاءه الحق في كل القرآن، فلم خص هذه السورة؟

فالجواب أنا إِن قلنا: إِن الحق النبوة، فالإِشارة بـ «هذه» إِلى الدنيا، فيكون المعنى: وجاءك في هذه الدنيا النبوة، فيرتفع الإِشكال. وإِن قلنا: إِنها السورة، فعنه أربعة أجوبة:

أحدها: أن المراد بالحق البيان، وهذه السورة جمعت من تبيين إِهلاك الأمم، وشرح مآلهم، ما لم يجمع غيرها، فبان أثر التخصيص، وهذا مذهب بعض المفسرين.

والثاني: أن بعض الحق أوكد من بعض في ظهوره عندنا وخفائه علينا، ولهذا يقول الناس: فلان في الحق: إذا كان في الموت، وإِن لم يكن قبله في باطل، ولكن لتعظيم ما هو فيه، فكأن الحق المبين في هذه السورة أجلى من غيره، وهذا مذهب الزجاج.

والثالث: أنه خص هذه السورة بذلك لبيان فضلها، وإِن كان في غيرها حق أيضاً، فهو كقوله: { والصلاةِ الوسطى } [البقرة 238]، وقوله: { وجبريل وميكال } [البقرة 98]، وهذا مذهب ابن الأنباري.

والرابع: أن المعنى: وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك من سائر السور، قاله ابن جرير الطبري.

قوله تعالى: { وموعظة وذكرى للمؤمنين } أي: يتعظون إِذا سمعوا هذه السورة وما نزل بالأمم فتلين قلوبهم.