قوله تعالى: { وشروه } هذا حرف من حروف الأضداد، تقول: شريت الشيء، بمعنى بعته؛ وشريته؛ بمعنى اشتريته. فإن كان بمعنى باعوه، ففيهم قولان. أحدهما: أنهم إِخوته، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنهم السيارة، ولم يبعه إِخوته، قاله الحسن، وقتادة. وإِن كان بمعنى اشتروه، فإنهم السيارة.
قوله تعالى: { بثمن بَخْسٍ } فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الحرام، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة في آخرين.
والثاني: أنه القليل، قاله عكرمة، والشعبي، قال ابن قتيبة: البخس: الخسيس الذي بُخس به البائع.
والثالث: الناقص، وكانت الدراهم عشرين درهماً في العدد، وهي تنقص عن عشرين في الميزان، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: { دراهم معدودة } قال الفراء: إِنما قيل: «معدودة» ليُستدَل بها على القلَّة. وقال ابن قتيبة: أي: يسيرة، سهل عددها لقلَّتها، فلو كانت كثيرة لثقل عددها. وقال ابن عباس: كانوا في ذلك الزمان لا يَزِنُون أقل من أربعين درهماً، وقيل: إِنما لم يَزِنُوها لزهدهم فيه.
وفي عدد تلك الدراهم خمسة أقوال:
أحدها: عشرون درهماً، قاله ابن مسعود، وابن عباس في رواية، وعكرمة في رواية، ونوف الشامي، ووهب بن منبِّه، والشعبي، وعطية، والسدي، ومقاتل في آخرين.
والثاني: عشرون درهماً وحُلَّة، ونعلان، روي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: اثنان وعشرون درهماً، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
والرابع: أربعون درهماً، قاله عكرمة في رواية، وابن إِسحاق.
والخامس: ثلاثون درهماً، ونعلان، وحُلَّة، وكانوا قالوا له بالعبرانية: إِما أن تُقرَّ لنا بالعبودية، وإِما أن نأخذَك منهم فنقتلَك، قال: بل أُقرُّ لكم بالعبودية، ذكره إِسحاق بن بشر عن بعض أشياخه.
قال المفسرون: اقتسموا ثمنه، فاشترَوا به نعالاً وخفافاً.
وكان بعض الصالحين يقول: والله ما يوسف ـ وإِن باعه أعداؤه ـ بأعجبَ منك في بيعكَ نفسَكَ بشهوةِ ساعةٍ من معاصيك.
قوله تعالى: { وكانوا فيه من الزاهدين } الزهد: قلَّة الرغبة في الشيء.
وفي المشار إِليهم قولان: أحدهما: أنهم إِخوته، قاله ابن عباس؛ فعلى هذا، في هاء «فيه» قولان:
أحدهما: أنها ترجع إِلى يوسف، لأنهم لم يعلموا مكانه من الله تعالى، قاله الضحاك، وابن جريج. والثاني: أنها ترجع إِلى الثمن. وفي علَّة زهدهم قولان: أحدهما: رداءته. والثاني: أنهم قصدوا بُعد يوسف، لا الثمن.
والثاني: أنهم السيارة الذين اشترَوه.
وفي علَّة زهدهم ثلاثة أقوال. أحدها: أنهم ارتابوا لقلة ثمنه. والثاني: أن إِخوته وصفوه عندهم بالخيانة والإِباق. والثالث: لأنهم علموا أنه حر.