التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٢٢
-يوسف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولما بلغ أشده } قد ذكرنا معنى الأشد في [الأنعام:152]، واختلف العلماء في المراد به هاهنا على ثمانية أقوال: أحدها: أنه ثلاث وثلاثون سنة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة. والثاني: ثماني عشرة سنة، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والثالث: أربعون سنة، قاله الحسن. والرابع: بلوغ الحلم، قاله الشعبي، وربيعة، وزيد بن أسلم، وابنه. والخامس: عشرون سنة، قاله الضحاك. والسادس: أنه من نحو سبع عشرة سنة إِلى نحو الأربعين، قاله الزجاج. والسابع: أنه بلوغ ثمان وثلاثين سنة، حكاه ابن قتيبة. والثامن: ثلاثون سنة، ذكره بعض المفسرين.

قوله تعالى: { آتيناه حكماً } فيه أربعة أقوال:

أحدها: أنه الفقه والعقل، قاله مجاهد.

والثاني: النبوَّة، قاله ابن السائب.

والثالث: أنه جُعل حكيماً، قاله الزجاج، قال: وليس كل عالم حكيماً، إنما الحكيم: العالم المستعمِل علمه، الممتنع به من استعمال ما يجهَّل فيه.

والرابع: أنه الإِصابة في القول، ذكره الثعلبي. قال اللغويون: الحكم عند العرب ما يصرف عن الجهل والخطأ، ويمنع منهما، ويردُّ النفس عما يشينها ويعود عليها بالضرر، ومنه: حكمَة الدابة. وأصل أحكمت في اللغة: منعت، وسمي الحاكم حاكماً، لأنه يمنع من الظلم والزيغ.

وفي المراد بالعلم هاهنا قولان. أحدهما: الفقه. والثاني علم الرؤيا.

قوله تعالى: { وكذلك نجزي المحسنين } أي: ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف وحراسته، نثيب من أحسن عمله، واجتنب المعاصي، فننجِّيه من الهلكة، ونستنفذه من الضلالة فنجعله من أهل العلم والحكمة كما فعلنا بيوسف.

وفي المراد بالمحسنين هاهنا ثلاثة أقوال:

أحدها: الصابرون على النوائب. والثاني: المهتدون، رويا عن ابن عباس. والثالث: المؤمنون. قال محمد بن جرير: هذا، وإِن كان مخرج ظاهره على كل محسن، فالمراد به محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى: كما فعلتُ بيوسف بعد مالقي من البلاء فمكَّنته في الأرض وآتيته العلم، كذلك أفعل بك وأنجيك من مشركي قومك.