قوله تعالى: { ما تعبدون من دونه } إِنما جمع في الخطاب لهما، لأنه أراد جميع من شاركهما في شركهما. وقوله: «من دونه» أي من دون الله { إِلا أسماءً } يعني: الأرباب والآلهة، ولا يصح معاني تلك الأسماء للأصنام، فكأنها أسماء فارغة، فكأنهم يعبدون الأسماء، لأنها لا تصح معانيها. { ما أنزل الله بها من سلطان } أي: من حجة بعبادتها. { إِن الحكم إِلا لله } أي: ما القضاء والأمر والنهي إِلا له. { ذلك الدّين القيِّم } أي: المستقيم يشير إِلى التوحيد.
{ ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون } فيه قولان:
أحدهما: لا يعلمون أنه لا يجوز عبادة غيره. والثاني: لا يعلمون ماللمطيعين من الثواب وللعاصين من العقاب.
قوله تعالى: { أمَّا أحدكما فيسقي ربَّه خمراً } الرب هاهنا: السيد. قال ابن السائب: لما قص الساقي رؤياه على يوسف، قال له: ما أحسن ما رأيت! أما الأغصان الثلاثة، فثلاثة أيام، يبعث إِليك الملك عند انقضائها، فيردك إِلى عملك، فتعود كأحسن ما كنت فيه، وقال للخبَّاز: بئس ما رأيت، السلال الثلاث، ثلاثة أيام، ثم يبعث إِليك الملك عند انقضائهن، فيقتلك ويصلبك ويأكل الطير من رأسك، فقالا: ما رأينا شيئاً، فقال: { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } أي: فُرغ منه، وسيقع بكما، صدقتما أو كذبتما.
فإن قيل: لم حتّم على وقوع التأويل، وربما صدق تأويل الرؤيا وكذب؟ فعنه جوابان.
أحدهما: أنه حتم ذلك لوحي أتاه من الله، وسبيل المنام المكذوب فيه أن لا يقع تأويله، فلما قال: «قضي الأمر» دل على أنه بوحي.
والثاني: أنه لم يحتم، بدليل قوله: «وقال للذي ظنَّ أنه ناجٍ منهما»، قال أصحاب هذا الجواب: معنى «قضي الأمر»: قُطع الجواب الذي التمستماه من جهتي، ولم يعنِ أن الأمر واقع بكما. وقال أصحاب الجواب الأول: الظن هاهنا بمعنى العلم.