التفاسير

< >
عرض

مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٠
يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ٱلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
٤١
-يوسف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ما تعبدون من دونه } إِنما جمع في الخطاب لهما، لأنه أراد جميع من شاركهما في شركهما. وقوله: «من دونه» أي من دون الله { إِلا أسماءً } يعني: الأرباب والآلهة، ولا يصح معاني تلك الأسماء للأصنام، فكأنها أسماء فارغة، فكأنهم يعبدون الأسماء، لأنها لا تصح معانيها. { ما أنزل الله بها من سلطان } أي: من حجة بعبادتها. { إِن الحكم إِلا لله } أي: ما القضاء والأمر والنهي إِلا له. { ذلك الدّين القيِّم } أي: المستقيم يشير إِلى التوحيد.

{ ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون } فيه قولان:

أحدهما: لا يعلمون أنه لا يجوز عبادة غيره. والثاني: لا يعلمون ماللمطيعين من الثواب وللعاصين من العقاب.

قوله تعالى: { أمَّا أحدكما فيسقي ربَّه خمراً } الرب هاهنا: السيد. قال ابن السائب: لما قص الساقي رؤياه على يوسف، قال له: ما أحسن ما رأيت! أما الأغصان الثلاثة، فثلاثة أيام، يبعث إِليك الملك عند انقضائها، فيردك إِلى عملك، فتعود كأحسن ما كنت فيه، وقال للخبَّاز: بئس ما رأيت، السلال الثلاث، ثلاثة أيام، ثم يبعث إِليك الملك عند انقضائهن، فيقتلك ويصلبك ويأكل الطير من رأسك، فقالا: ما رأينا شيئاً، فقال: { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } أي: فُرغ منه، وسيقع بكما، صدقتما أو كذبتما.

فإن قيل: لم حتّم على وقوع التأويل، وربما صدق تأويل الرؤيا وكذب؟ فعنه جوابان.

أحدهما: أنه حتم ذلك لوحي أتاه من الله، وسبيل المنام المكذوب فيه أن لا يقع تأويله، فلما قال: «قضي الأمر» دل على أنه بوحي.

والثاني: أنه لم يحتم، بدليل قوله: «وقال للذي ظنَّ أنه ناجٍ منهما»، قال أصحاب هذا الجواب: معنى «قضي الأمر»: قُطع الجواب الذي التمستماه من جهتي، ولم يعنِ أن الأمر واقع بكما. وقال أصحاب الجواب الأول: الظن هاهنا بمعنى العلم.