التفاسير

< >
عرض

مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ
١٨
-إبراهيم

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد } قال الفراء: أضاف المَثَل إِليهم، وإِنما المثل للأعمال، فالمعنى: مَثَل أعمال الذين كفروا. ومِثلُه: { ويوم القيامة ترى الذين كَذَبوا على الله وجوهُهم مسودَّة } [الزمر 60]، أي: ترى وجوههم. وجعل العُصُوف تابعاً لليوم في إِعرابه، وإِنما العُصُوف للريح، وذلك جائز على جهتين:

إِحداهما: أن العصوف، وإِن كان للريح، فإن اليوم يوصف به، لأن الريح فيه تكون، فجاز أن تقول: يوم عاصف كما تقول: يوم بارد، ويوم حار.

والوجه الآخر: أن تريد: في يومٍ عاصفِ الريح، فتحذف الريح، لأنها قد ذُكرت في أول الكلام، كما قال الشاعر:

ويُضْحِكُ عِرفانُ الدُّرُوْعِ جُلودَنا إِذا كانَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ

يريد: كاسف الشمس. وروي عن سيبويه أنه قال: في هذه الآية إِضمار، والمعنى: وممّا نقصُّ عليك مَثَل الذين كفروا، ثم ابتدأ فقال: «أعمالهم كرماد». وقرأ النخعي، وابن يعمر، والجُحدري: «في يومِ عاصفٍ» بغير تنوين اليوم.

قال المفسرون: ومعنى الآية: أن كل ما يتقرَّب به المشركون يَحْبَط ولا ينتفعون به، كالرماد الذي سَفَتْه الريح فلا يُقدَر على شيء منه، فهم لا يقدرون مما كسبوا في الدنيا على شيء في الآخرة، أي: لايجدون ثوابه، { ذلك هو الضلال البعيد } من النجاة.