التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ
٤٢
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ
٤٣
-إبراهيم

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولا تحسبَنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون } قال ابن عباس: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم.

قوله تعالى: { إِنما يؤخِّرهم } وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو رزين، وقتادة: «نؤخِّرهم» بالنون، أي: يؤخر جزاءهم { ليوم تشخص فيه الأبصار } أي: تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض. قوله تعالى: { مهطعين } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أن الإِهطاع: النظر من غير أن يَطْرِف الناظر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وأبو الضُّحى.

والثاني: أنه الإِسراع، قاله الحسن، وسعيد بن جُبير، وقتادة، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: أهطع البعير في سيره، واستهطع: إِذا أسرع.

وفي ما أسرعوا إِليه قولان. أحدهما: إِلى الداعي، قاله قتادة. والثاني: إِلى النار، قاله مقاتل.

والثالث: أن المُهطع: الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد. وفي قوله: { مقنعي رؤوسهم } قولان:

أحدهما: رافعي رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة، وأنشد أبو عبيدة:

أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وأَقْنَعَا كَأَنَمَّا أَبْصَرَ شَيْئَاً أَطْمَعَا

وقال ابن قتيبة: المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرْفه على ما بين يديه. وقال الزجاج: رافعي رؤوسهم، ملتصقة بأعناقهم. «ومهطعين مقنعي رؤوسهم» نصبٌ على الحال، المعنى: ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين.

والثاني: ناكسي رؤوسِهم، حكاه الماوردي عن المؤرِّج.

قوله تعالى: { لا يرتدُّ إِليهم طرفهم } أي: لا ترجع إِليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة. قال ابن قتيبة: والمعنى: أن نظرهم إِلى شيء واحد. قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إِلى السماء، لا ينظر أحد إِلى أحد.

قوله تعالى: { وأفئدتهم هواءٌ } الأفئدة: مساكن القلوب. وفي معنى الكلام أربعة أقوال:

أحدها: أن القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة: خرجت من صدورهم فنَشِبَت في حلوقهم، فأفئدتهم هواءٌ ليس فيها شيء.

والثاني: وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير، فهي كالخِرْبة، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: وأفئدتهم مُنخرِقة لا تعي شيئاً، قاله مُرَّة بن شراحيل. وقال الزجاج: متخرِّقة لا تعي شيئاً من الخوف.

والرابع: وأفئدتهم جُوْف لا عقول لها، قاله أبو عبيدة، وأنشد لحسَّان:

أَلاَ أَبْلِغْ أُبَا سُفْيَانَ عَنِّي فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

فعلى هذا يكون المعنى: أن قلوبهم خلت عن العقول، لمِا رأوا من الهول. والعرب تسمي كلَّ أجوَفَ خاوٍ: هواءً. قال ابن قتيبة: ويقال: أفئدتهم منخوبة من الخوف والجُبْن.