قوله تعالى: { وقالوا اتخذ الله ولداً }
اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في اليهود إذ جعلوا عزيراً ابن الله، قاله ابن عباس.
والثاني: أنها نزلت في نصارى نجران حيث قالوا: عيسى ابن الله، قاله مقاتل.
والثالث: أنها في النصارى ومشركي العرب، لأن النصارى قالت: عيسى ابن الله، والمشركين قالوا: الملائكة بنات الله، ذكره إبراهيم بن السري.
والرابع: أنها في اليهود والنصارى ومشركي العرب، ذكره الثعلبي.
فأما القنوت؛ فقال الزجاج: هو في اللغة بمعنيين. أحدهما: القيام. والثاني: الطاعة. والمشهور في اللغة والاستعمال أن القنوت: الدعاء في القيام، فالقانت القائم بأمر الله. ويجوز أن يقع في جميع الطاعات، لأنه إن لم يكن قيام على الرجلين؛ فهو قيام بالنية. وقال ابن قتيبة: لا أرى أصل القنوت إلا الطاعة، لأن جميع الخلال من الصلاة، والقيام فيها والدعاء وغير ذلك يكون عنها.
وللمفسرين في المراد بالقنوت هاهنا ثلاثة أقوال. أحدها: أنه الطاعة، قاله ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وقتادة. والثاني: أنه الإقرار بالعبادة، قاله عكرمة، والسدي. والثالث: القيام، قاله الحسن، والربيع.
وفي معنى القيام قولان. أحدهما: أنه القيام له بالشهادة بالعبودية. والثاني: أنه القيام بين يديه يوم القيامة. فان قيل: كيف عمَّ بهذا القول وكثير من الخلق ليس له بمطيع؟ فعنه ثلاثة أجوبة. أحدها: أن يكون ظاهرها ظاهر العموم، ومعناها معنى الخصوص. والمعنى: كل أهل الطاعة له قانتون. والثاني: أن الكفار تسجد ظلالهم لله بالغدوات والعشيات، فنسب القنوت إليهم بذلك. والثالث: أن كل مخلوق قانت له بأثر صنعه فيه، وجري أحكامه عليه، فذلك دليل على ذله للرب. ذكرهن ابن الأنباري.