قوله تعالى: { من الذين اتَّبعوا } فيهم قولان. أحدهما: أنهم القادة والرؤساء، قاله ابن عباس، وأبو العالية، وقتادة، ومقاتل، والزجاج. والثاني: أنهم الشياطين، قاله السدي.
قوله تعالى: { ورأَؤُا العذاب } يشمل الكل { وتقطَّعت بهم الأسباب } أي: عنهم، مثل قوله
{ فَسْئَلْ به خبيراً } [الفرقان:59]. وفي { الأسباب } أربعة أقوال. أحدها: أنها المودات، وإلى نحوه ذهب ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. والثاني: أنها الأعمال، رواه السدي عن ابن مسعود، وابن عباس، وهو قول أبي صالح، وابن زيد، والثالث: أنها الأرحام، رواه ابن جريج عن ابن عباس. والرابع: أنها تشمل جميع ذلك. قال ابن قتيبة: هي الأسباب التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا، فأما تسميتها بالأسباب، فالسبب في اللغة: الحبل، ثم قيل لكل ما يتوصل به إلى المقصود: سبب. والكرَّة: الرجعة إلى الدنيا، قاله ابن عباس، وقتادة في آخرين. { فنتبرَّأَ منهم } يريدون: من القادة { كما تبرؤوا منَّا } في الآخرة. { كذلك يريهم الله أعمالهم } قال الزجاج: أي: كتبرؤ بعضهم من بعض، يريهم الله أعمالهم حسراتٍ عليهم، لأن أعمال الكافر لا تنفعه، وقال ابن الأنباري: يريهم الله أعمالهم القبيحة حسراتٍ عليهم إذا رأوا أحسن المجازاة للمؤمنين بأعمالهم، قال: ويجوز أن يكون كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم الصالحة وجزاءها، فحذف الجزاء. وأقام الأعمال مقامه. قال ابن فارس: والحسرة: التلهف على الشيء الفائت. وقال غيره: الحسرة: أشد الندامة.